خالد صاغية
الأخبار عدد الثلاثاء ٥ آب ٢٠٠٨
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. الدولة السعودية، الإماراتية، الأميركية، الفرنسية... في كنف أيّ دولة توفّر له فرص العمل والتعليم.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. الدولة السنّية، الشيعيّة، المسيحيّة، الدرزيّة... في كنف أيّ دولة تحتلّ فيها طائفته موقع الصدارة بين سائر الطوائف.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. دولة الجيش الذي لا يحارب إلا مخيّمات الفقراء وضواحيهم وحاراتهم. دولة قوى الأمن التي تُلبس «الزعران» بزّات رسميّة. دولة شرطة السير التي لا تسير إلا عكس السير. في كنف أيّ دولة لا تعمل أجهزتها إلا على نصرة القوي على الضعيف.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. دولة المصارف، المحتكرين، المستوردين، المضاربين العقاريّين... في كنف أيّ دولة توفِّر إثراءً سريعاً.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. دولة التشبيح، المحسوبيّة، والرشى... في كنف أيّ دولة تترك لقنوات الفساد متّسعاً من الحريّة.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. دولة المواسم الانتخابيّة السخيّة، ورجال الأعمال الآتين إلى السياسة لكسب مزيد من الوجاهة، وقطّاع الطرق المتستّرين خلف سيارات مصفّحة ونُمر زرقاء. في كنف أيّ دولة تعمل إداراتها على غسل الأموال القذرة.
الشعب اللبناني يحلم حقاً بالعيش في كنف الدولة. الدولة التي تحرق غاباتها عمداً، وتكسّر صخور جبالها لتشيّد قصوراً للأغنياء. في كنف أيّ دولة لا تتّسع رئات مواطنيها إلا لهواء أسود.
■ ■ ■
ليس مجرّد صدفة أن يحمل بعض أمراء الحرب وأبناء البورجوازية اللبنانية التافهة عبارة «في كنف الدولة» كي يصعدوا درجة إضافية على السلّم الانتخابي. كان الأحرى بأبناء الميليشيات تقديم الاعتذار أوّلاً، والتصريح عن المفقودين الذين فُقدوا على حواجزهم الطائفية ثانياً. وكان الأحرى بأبناء العائلات والثروات الكريمة أن يعرفوا أنّ العيش في كنف دولة حديثة يفرض عليهم نوعاً من التضحيات والإسهامات والدفاع عن الطبقات الوسطى يوم كانت تتعرّض للقضم... وهذه كلّها تتجاوز اللهاث وراء مقعد نيابي أو رئاسي.
التسميات: لبنان