الاثنين، 4 أغسطس 2008,2:53 م
حدِّثونا عن الدولة
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ٤ آب ٢٠٠٨
ساد خلاف لدى صياغة البيان الوزاري بشأن بند المقاومة. وقد أبدى السيّد كارلوس إدّه ‏ملاحظة نبيهة على الفصل هذه المرّة في البيان بين «الدولة» و«المقاومة»، بدلاً من الاكتفاء ‏بالتعميم تحت اسم «لبنان». لكنّ هذا الفصل، وبعكس ما رأى إدّه، ليس اعترافاً فائضاً ‏بـ«المقاومة»، بل دلالة على وجود فئة سياسيّة تسعى لإعطاء نفسها مشروعيّة من خلال رفع ‏شعار «بناء الدولة». وليس صدفة أن يكون قادة التشدّد في هذا الأمر هم فؤاد السنيورة وفريقه ‏داخل الحكومة، والنائب نسيب لحّود. فبعد الموت السريري لفريق 14 آذار، أمكن لكلٍّ من ‏مكوّناتها أن تعود هانئة إلى زعامة الطائفة، وأن تعدّل في خطابها بما لا يتضارب ومصالح ‏تلك الزعامة. المتشدّدون في النزاع بشأن بند المقاومة هم ذاك الصنف من السياسيين الذين لا ‏مكان لهم على الساحة ما لم يبدوا تمايزاً، وإن طفيفاً، عن قيادات طوائفهم. رفع شعار «الدولة» ‏هو ملاذهم الأخير، بعدما تأكّد الطابع الهزليّ للأمانة العامّة لحركتهم الآفلة.
‏وإذا كان الانتصار للدولة إضافةً إيجابيّة في بلاد تتناتشها الطوائف، فإنّ نقطة ضعف هذا ‏المشروع تكمن في اقتصاره على رفع شعار الدولة في وجه المقاومة ليس إلا. فلم نسمع من ‏أنصار مشروع الدولة كلمة واحدة عن حق الدولة في وجه ‏أمراء الطوائف. لم نسمع كلمة واحدة عن حقّ الدولة في وجه الاحتكارات والكارتيلات ‏التي تتحكّم بالسوق. لم نسمع كلمة واحدة عن حق الدولة الرازحة تحت ديونها ‏لأصحاب المصارف وكبار المودعين. لم نسمع كلمة واحدة عن انتصار الكفاءة على ‏المحسوبيات...
لكنّ ازدواجيّة المعايير ليست وحدها ما يجعل مشروع الدولة ضعيفاً. إنّها أيضاً، قبل كلّ ‏شيء، محاولة «تصنيم» الدولة والحديث عنها، كما لو أنّها جهاز معروف التشكيل والوظيفة. ‏المواطنون في لبنان، حين تحدّثهم عن المقاومة، فإنّهم يعرفون عمّا تتحدّث. يعرفون ‏الإيجابيات كما السلبيات: من تحرير الأرض والأسرى، إلى صدّ الاعتداءات، إلى استعدادها لنصرة المقاومة في فلسطين، إلى اقتصارها ‏على حزب دون غيره، إلى علاقتها بطائفة دون سواها، إلى دعمها من إيران وسوريا‏... المواطن نفسه بحاجة إلى من يحدّثه عن الدولة. ‏لكن لا حياة لمن تنادي! ‏

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: