الخميس، 24 يوليو 2008,2:23 م
ضيق البطريرك
خالد صاغيةا
الأخبار عدد الخميس ٢٤ تموز ٢٠٠٨
لبطريرك الماروني نصر الله صفير يشعر بالضيق من ظاهرة الهجرة. أمّا السبب، فهو أنّ الهجرة تؤدّي إلى تناقص عدد اللبنانيّين، ممّا يؤثر على التوازن المسيحي ـــــ الإسلامي. لقد وجد البطريرك أخيراً في التوازن الطائفي سبباً كي يكره الهجرة التي لطالما نُظمت فيها الأشعار، وسبباً كي يتوجّس من مديح ذاك اللبناني الذي «كيف ما شلحتو بيجي واقف». الغريب أنّ ذاك اللبناني لا يحبّ أن «يأتي واقفاً» إلا بعد ركوب الطائرة. لكنّ البطريرك القلق لم يفصح لنا عمّا يقترحه بديلاً من الهجرة في وطن لا ينتج ولا يريد أن ينتج شيئاً إلا تلك الأدبيّات عن التعايش والتوازن بين الطوائف. فبخلاف ما يحلو للبعض أن يتخيّل، لم تكن الأسباب السياسية أساس الهجرة من هذه البلاد. فلا انسحاب الجيش السوري أعاد المغتربين إلى ربوع الوطن، ولا تحرير مزارع شبعا سيبثّ الحنين إلى صحون الحمّص والأرزات الخالدات.
يجب أن يواجه اللبنانيون حقيقة ما صنعته أيديهم. إنّ الاقتصاد اللبناني، كما جرى تركيبه منذ الاستقلال، لا يتّسع لكلّ اللبنانيّين الراغبين في عيش كريم. حدث أن كان ذلك أحد الأسباب المتعدّدة لنشوب حرب أهليّة. لكن لم يرغب أحد في الانتباه إلى ذلك. أعيدت هيكلة الاقتصاد اللبناني في مرحلة ما بعد الحرب وفقاً لسياسات أعادت إنتاج الظروف نفسها. ولم يُعرَف عن البطريرك معارضته لتلك السياسات. فعدا بعض العظات الأخلاقيّة التي ردّدت كلاماً عامّاً بشأن البطالة والفقر... إلخ، لم يُبدِ البطريرك إلا كلّ ترحيب بمشروع إفقار اللبنانيين تحت عنوان إعمار مدينتهم العريقة للمستقبل.
لم يكن هذا الموقف بديهيّاً. فحتّى الخبراء المقرّبون من الكنيسة المارونيّة كان لهم رأي مختلف. والوثيقة الاقتصادية الصادرة عن المجمع الماروني تصلح لبرنامج عمل إصلاحيّ. إلا أنّ أولويّات البطريرك كانت في مكان آخر. وهو، بعد رحلته السياسية الطويلة، ما عاد يملك إلا التباكي على أبناء ملّته المهاجرين. أمّا الباقون منهم، فيدلّهم سيّد بكركي إلى طريق البريستول حيث ينتظرهم فارس سعيد برتبة أمين عام.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: