الخميس، 24 ديسمبر 2009,10:04 ص
كمن يذهب إلى الحجّ...

خالد صاغية

الأخبار عدد الخميس ٢٤ كانون الأول ٢٠٠٩


لم تتّضح بعد التوازنات التي ستنشأ داخل الحكومة الجديدة، وخصوصاً بعد زيارة الرئيس سعد الحريري إلى دمشق وإعادة التموضع الوسطي للنائب وليد جنبلاط. لكنّ ما جرى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة يدقّ جرس الإنذار. فثمّة إشارات توحي كأنّ الوضع سيستقرّ على ما كان عليه قبل 2005 حين كان تقسيم العمل قائماً بين المقاومة و«الإعمار».
ثمّة من يحاول صرف زيارة الحريري في سوق استكمال النهب المنظّم تحت قاعدة «وفّروا للرئيس الشاب كلّ التسهيلات حتّى يعود إلى رشده»! والخوف أن تكون التسهيلات تعني غضّ النظر عن المضيّ في إعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني بما يتلاءم مع الوصفات النيوليبرالية السيّئة الذكر.
لقد تُرِك الوزيران المعنيّان بالكهرباء والاتصالات في الجلسة الأخيرة شبه يتيمَيْن، من دون دعم أعضاء التكتّل الواحد، فيما أشاح الحلفاء بنظرهم إلى الفراغ. ومرّت اعتراضات وزير النقل والأشغال العامّة على إمبراطوريّة مجلس الإنماء والإعمار، مرور الكرام. واكتفى الجميع بالاستماع إلى رئيس الحكومة وهو يعلن أن لا تنازل عن صلاحيات ذاك المجلس.
الأساطير نفسها تُحاك من جديد حول مسائل أقلّ ما يقال فيها أنّها ملتبسة. فما بقي من باريس ــ3، والتصريحات المتعجرفة لوزيرة الاقتصاد الفرنسية، لا تخفي نيّات وضع اليد على الخدمات الأساسية التي تطال الحياة اليومية للمواطنين اللبنانيّين. وعلى طريقة الذاهبين إلى الحجّ «والناس راجعة»، يذهب سعد الحريري اليوم إلى الخصخصة بما تعنيه من نقل احتكار الكهرباء من الدولة إلى القطاع الخاص، ومن حرمان للدولة من موردها الأساسي المتأتّي من قطاع الاتصالات. وكلّ ذلك تحت ستارة الوعود بجنّة «المساعدات» التي لم يعرف رئيس الحكومة أن يميّز بين ما هو قروض منها وما هو هبات متخيّلة.
على المعارضة السابقة أن تحسم سريعاً أمر تجربتها في الحكم. فإمّا أنّ العماد ميشال عون قد جاء بوزراء من أجل الدفع نحو الإصلاح والتغيير، وإمّا أنّه يسعى وراء المشاكسة في المواضيع الاقتصادية والاجتماعية للتضحية بها في ما بعد ربطاً بمكاسب سياسيّة. وإمّا أنّ حزب اللّه يريد أن يقدّم تجربة مختلفة في الحكم، وإمّا أنّه سيتصرّف على طريقة «وكفى الله المؤمنين شرّ القتال». فما دام السلاح خارج النقاش، فليملأ الدنيا الطوفان!


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: