الثلاثاء، 12 أغسطس 2008,3:45 م
علّوش مستفرَداً

خالد صاغية

الأخبار عدد الثلاثاء ١٢ آب ٢٠٠٨

يلعب تيّار المستقبل لعبة خطرة مع السلفيّين في لبنان.

في محطّة أولى، يعرّضهم للقمع ويقدّمهم كأضحيات في معركة السيّد الأميركي ضدّ الإرهاب. كلّما عاقبتَ سلفيّاً، ربحتَ معنا تربيت كتف. في محطّة ثانية، يستخدمهم كأنصار احتياطيّين وخزّان بشريّ لتظاهراته. فـ«المستقبل» هو «حامي الطائفة»، وحين يدقّ النفير، على أبناء الرعية تلبية النداء. في محطّة ثالثة، يستخدمهم ليخيف خصومه، رافعاً شعار إمّا سعد الحريري وإمّا بن لادن. هذه المحطّات الثلاث ليست بالضرورة منفصلة زمنيّاً. قد يخوض غمارها «المستقبل» في وقت واحد، وقد يتأرجح بينها وفقاً لأولويّاته السياسيّة، وخصوصاً أنّ مظلّة سعوديّة واحدة تخيّم فوق رؤوس الجميع. هكذا يظنّ «المستقبل» أنّ بإمكانه أن يحمل بخفّة خطاباً «سنّياً متطرّفاً تجاه الشيعة»، من دون أن يكترث لما لهذا الخطاب من تأثير على شعبيّته مقابل شعبيّة التيار السلفيّ. فهو يتصرّف أحياناً بوحي من الأنظمة الديكتاتوريّة التي تركت للإسلاميّين الأحياء الشعبية ونشر الأفكار في المساجد والأزقّة المهملة، ما داموا يتركون شؤون الدولة والترشّح للانتخابات وتولّي المناصب لسواهم. فـ«المستقبل»، كممثّل للأكثريّة ضمن الطائفة، لم يشعر بعد بخطورة السباق على الشعبيّة وضرورته. فهو يبقى صوت الطائفة السنّية الرسمي، حتّى لو أصبح للسلفيّين كلمة في صوتها الشعبي الذي يُستدعى كلّما أحسّ «المستقبل» بهجوم على صلاحيّاته من الطوائف الأخرى، والذي يُضطهَد كلّما أحسّ «المستقبل» بحرج، وتقمّص دور يد «الدولة» الحديديّة.

في الأيّام الماضية، تولّى نائب مستقبليّ الدفاع عن السلفيّة داخل مجلس النوّاب، فيما حاول نائب آخر أن يخطب خلال تظاهرة احتجاج على توقيف إسلاميّين كانت جهات أمنيّة محسوبة على «المستقبل» قد اعتقلتهم. ما جرى خلال التظاهرة ينذر بأنّ قواعد اللعبة قد بدأت تتغيّر. لن يرضى السلفيّون بعد اليوم بأداء دور كبش الفداء، أو دور الجنديّ الذي يخجل منه قائده. إلا أنّ انعكاس هذه القواعد الجديدة على تركيبة السلطة لا يزال غامضاً، بانتظار الانتخابات المقبلة. فماذا سيقدّم «المستقبل» للسلفيّين بدلاً من المقاعد النيابيّة؟

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: