الاثنين، 11 أغسطس 2008,3:39 م
الغطاء الديموقراطي
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ١١ آب ٢٠٠٨
من تابع نقاشات المجلس النيابي الأخيرة، تذكّر حتماً الحقبة السوريّة في لبنان. يومها، كنّا نعرف أنّ ما يجري مجرّد مسرحيّة متلفزة، وأنّ النقاش الحقيقي يحصل خارج المجلس النيابي، وأنّ المتبارين على اعتلاء المنابر في ساحة النجمة لا يملكون أن يمنحوا الثقة أو أن يسحبوها. إنّهم يطلبون الكلام ليستعرضوا (قلّة) مواهبهم أمام ناخبيهم أو حتّى أمام عائلاتهم. لكنّ الأمر لم يكن يخلو من بعض الحماسة. فحين كان يجري نقاش جدّي لبعض السياسات، كنّا نعرف أنّ العلاقات بين أعضاء «الترويكا» ليست على ما يُرام، وأنّ الحَكَم السوريّ لم يتدخّل بعد لترطيب الأجواء. أضف إلى ذلك مجموعة ضيّقة من النوّاب المستقلّين الذين كانت مداخلاتهم تتّسم بالجدّة والجدّية، لضرورات ديكور تلك المرحلة.
حين كنّا نستمع إلى تلك النقاشات أو نقرأ عنها، كنّا نعلم أين نصبّ غضبنا: غداً يخرج الجيش السوري من لبنان، ويكفّ السوريّون عن إدارة اللعبة، فتعود الممارسة الديموقراطيّة إلى البلد. كان ذلك موقفاً ساذجاً طبعاً. إلا أنّه لا أحد كان يتوقّع أن تكون السذاجة إلى هذا الحدّ.
فالنقاشات النيابية الجارية اليوم تبدو كأنّها خارج الزمان والمكان السياسيّين. وكم هو رمزيّ أن تُعقَد هذه الجلسات، فيما زعيم الأغلبية النيابية خارج البلاد. فهو، كسواه من القادة السياسيين، يعلم أنّ الحياة السياسية اللبنانية في مكان آخر، وأنّ قبّة البرلمان ليست إلا غطاءً ديموقراطياً لممارسات غير ديموقراطيّة يقوم بها زعماء الطوائف في الأقبية المظلمة.هكذا تبدو تدخّلات رئيس المجلس داخل البرلمان كأنّها تهدف إلى عدم السماح لكلام بعض النوّاب بأن يفسد الجوّ الذي خلقته تدخّلاته خارج البرلمان. ففي الخارج، حُدِّدت السياسات، والخطوط الحمر، والتفاهمات. أمّا في الداخل، فينبغي إلباس هذه السياسات لباساً رسمياً، وختمها بختم الدولة. ويُفضّل أن يجري ذلك بأسرع وقت، فالجميع ينتظر حركة من سعد الدين الحريري، أو كلمة من وليد جنبلاط، أو حركة إصبع من حسن نصر اللّه.
لكنّ ثمّة من يهوى التمتّع بهذه المسرحيّة التي تجري تحت «كنف الدولة» التي يراد لنا أن نصدّق أنّ ما يعكّرها ليس إلا سلاح المقاومة.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: