الاثنين، 20 يوليو 2009,8:59 ص
جثّتان تتصارعان على الحكومة
خالد صاغية
الأخبارعدد الاثنين ٢٠ تموز ٢٠٠٩


يبدو، لوهلة، مأزق تأليف الحكومة مأزقاً لغويّاً. فالنزاع الحالي على عدد المقاعد، والنزاع المقبل على توزيعها، يدوران بين فريقَيْن وهميَّيْن: فريق 8 وفريق 14 آذار، فيما الواقع يشير إلى زوال هذين الفريقين. وهذا أمر يدعو إلى الحزن فعلاً، لأنّ محاولات التغيير التي قادها كلّ من الفريقين لرسم صورةٍ للبنان ترضي طموحات جمهوره، انتهت بالتجديد للنظام نفسه وللطاقم السياسي نفسه. لكنّه أمر يدعو إلى الفرح أيضاً، لأنّ التغيير، كما طرحه كلّ من الفريقين، ما كان ليحصل من دون تجديد الحرب الأهليّة. وقد خبر اللبنانيّون ذات مرّة المفاضلة بين التغيير والحرب.
انتهى الأمر إذاً بالتعادل السلبيّ، وتجاوز الجميع «قطوع» خروج الجيش السوري من لبنان، ذاك الخروج الذي رُفعت من بعده شعارات التغيير... ليبقى كلّ شيء على ما هو عليه.
لم تكن الانتخابات النيابية الأخيرة هي اللحظة المفصليّة، لكنّها كانت لحظة الإعلان الرسميّ عن الانتقال إلى واقع جديد. فقد كان ينقص سقوط سياسي للمعارضة، وهذا ما حدث فعلاً.
يمكن القول إنّ 14 آذار انتهت في اللحظة التي أرّخها وليد جنبلاط، أي يوم أبلغته كوندوليزا رايس أنّ المطلوب هو «تغيير سلوك النظام السوري»، والتي فهم بعدها الزعيم المحنّك أنّ المطلوب هو بقاء النظام السوري. إنّها لحظة النهاية، لأنّ الصادقين مع أنفسهم في 14 آذار عرفوا جيّداً أنّ لبنان لا يمكنه أن يكون «أربطعشيّاً»، ما لم يُترجَم الدعم الدولي لثورة الأرز بإسقاط النظام في سوريا. كانت هذه لحظة السقوط السياسي. أمّا السقوط الأيديولوجي، فجرى قبل ذلك بكثير، أي منذ أن تخلّت «الثورة» عن التيار الوطني الحرّ لتتّجه نحو التحالف الرباعي.
قصّة 8 آذار مختلفة. فقد وُلِد هذا التجمّع ميتاً أصلاً. لم يكن بإمكان أيديولوجيّة «شكراً سوريا» أن تذهب بعيداً. قامت على أنقاضه «المعارضة الوطنيّة اللبنانية» بعد توقيع وثيقة التفاهم بين الجنرال ميشال عون والسيّد حسن نصر اللّه. رُفِع شعار «المقاومة والشراكة». لكنّ 7 أيّار لم يتأخّر كثيراً، ليعلن أنّ «المقاومة» تتقدّم بما لا يقاس على «الشراكة». الحملة العسكرية الناجحة ترافقت مع السقوط الأيديولوجي للمعارضة. أمّا سقوطها السياسي، فحسمته نتائج الانتخابات النيابيّة.
ثمّة جثّتان تتصارعان على الحكومة. رائحة الموت تملأ المكان.

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: