الأربعاء، 3 يونيو 2009,12:13 م
المعركة مصيريّة: يا للهول!

خالد صاغية

الأخبار عدد الاربعاء ٣ حزيران ٢٠٠٩


نهاية هذا الأسبوع، يوم الأحد تحديداً، سيكون اللبنانيّون أمام انتخابات مصيريّة، أو هكذا يدّعون. ولأنّها مصيريّة، أعدّ لها الشعب وقادته كلّ ما أوتوا من قوّة، وذكاء، وحجج سياسيّة. فتفتّقت العقول والنفوس عن شعارات وبرامج ومواقف استثنائيّة تلائم المرحلة الحسّاسة والعصيبة. وقد اتّفق جميع المحلّلين على أنّ المعارك الأكثر حماوة ستكون في المناطق المسيحيّة حيث يواجه مستقلّون وقادةٌ من ثورة الأرز الذائعة الصيت النائب ميشال عون وتيّاره الوطني الحرّ، وذلك لـ«محاسبته» ـــــ وفقاً لتعبير النائب السابق فارس سعيد ـــــ على مواقفه السياسيّة منذ عام 2005. فالمحاسبة، كما هو معروف، ركن من أركان الديموقراطيّة التي يحرص ثوّار الأرز على الانكباب على تطبيقها جيّداً. ولمّا كانت المعركة للمحاسبة السياسية، اختيرت لها عناوين المواجهة السياسية.
في المتن مثلاً، قرّرت قوى 14 آذار خوض المعركة الضارية في وجه التيار تحت شعار «سركيس في خدمة سركيس». شعار معبّر عن الترهّل الذي وصلت إليه هذه القوى التي لم تتمكّن من حجز مقعد على لائحتها لمرشّحها السابق لرئاسة الجمهوريّة، الذي كانت مستعدّة لانتخابه بالنصف زائداً واحداً، ودفع البلاد، من أجله، إلى حافّة الهاوية.
في كسروان، تُخاض معركة كبرى أيضاً في وجه عون، وخصوصاً أنّ الأخير يختار نوّابه فيها كما يختار طفل «صيصانه»، على ما أخبرنا مرشّح للانتخابات ناضل طويلاً كي يحظى بشرف دخول قفص الصيصان هذا. ولهذه الغاية، تولّى السيّدان منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن قيادة المعركة. لكنّ خلافهما السياسي المستعر مع عون دفعهما للنضال من أجل لائحة عائلات لا علاقة للسياسة بها! وكاد ذلك أن يتمّ لولا تدخّل السفيرة الأميركيّة ميشال سيسون شخصياً. فالغرب حريص على المضمون السياسي للّعبة الديموقراطيّة. فامتطى كارلوس إدّه حصانه، وتخطّى الحواجز الجبليّة، لينقل ترشيحه من جبيل إلى كسروان، بعدما تبيّن له أنّ الثورة تناديه من حراجل. ولاقاه في منتصف الطريق سجعان قزّي رافع لواء الفدراليّة، بكلّ فخر. وحين أصبحت اللائحة سياسية بامتياز، رفع البون شعار: «منصور بكسروان»! ربّما ليعلمنا أنّه لم يركب خيل إدّه ويعُدْ به إلى جبيل. أمّا الخازن، فأغدق علينا شعارات من الكتب المدرسيّة الابتدائيّة عن الأمّ والأمّة...
وفي جبيل، تألّفت لائحة مواجهة للتيار الوطني الحر، إلا أنّها لم تتّسع لمنسّق الأمانة العامّة لـ14 آذار. هي لائحة لرئيس الجمهوريّة، لكنّها في الوقت نفسه ليست لرئيس الجمهوريّة. حزّورة يتسلّى بها أهالي جبيل من الآن وحتّى موعد الانتخابات.
في الكورة، يخوض فريد مكاري المواجهة. وهو أشهر من أن يعرَّف. فلا تزال المنابر التشريعيّة تشهد له، وكذلك «جيران» لبنان.
لكنّ الأعين تتّجه الآن إلى زحلة، المدينة التي يبدو أنّها ستحسم المعركة على صعيد الوطن كلّه. ولمّا كانت طوائف المدينة قد حسمت خياراتها، تدور الآن حرب خفيّة على بعض العشائر التي يبدو أنّ أصواتها سترجّح فريقاً على آخر، وتحسم بالتالي نتيجة ذاك اليوم المصيريّ. بكلام آخر، إنّ عشيرتين أو ثلاثاً هي التي ستقرّر مصير مواجهة السياسة الأميركيّة في المنطقة، على ما يقول خطاب أحد الفرقاء، أو مصير بناء الدولة في لبنان، على ما يقول خطاب آخر.
في مواجهة ذلك كلّه يقف العماد ميشال عون على رأس التيّار الوطني الحرّ. ولمواجهة الخواء التام لدى منافسيه، طرح التيار شعار الجمهورية الثالثة، واعداً بأن يكون وصول المعارضة إلى السلطة لحظة إنهاء الأسس التي قامت عليها الجمهورية السابقة. لكن، ما إن بدأ الهجوم على «الجمهورية الثالثة»، حتّى اكتشفنا أنّ المقصود، حسب ما أوضح عون في ما بعد، ليس إقامة جمهورية جديدة، بل نحن نعيش أصلاً في الجمهورية الثالثة التي يدعوها الجهلة زوراً جمهورية ثانية!
وبما أنّنا في الجمهورية نفسها، سمح التيار لنفسه بأن يلعب لعبة منافسيه الطائفية. فها هي ماكينة أحد المرشّحين العونيّين تردّ على الكلام الطائفي لبعض مرشّحي 14 آذار عن الطائفة الشيعية وولاية الفقيه، بكلام أكثر طائفية يحذّر ناخبي الأشرفية من الأخطار التي تمثّلها الطائفة السنّية على المرشّحين، والتي تبزّ الأخطار الآتية من الشيعة!
وفي السياق نفسه، لم يجد التيار ما يرمي به المرشّحة نائلة تويني إلا إبراز صورة عن بطاقة شخصية لها مكتوب عليها أنّ ديانتها «مسلمة»، ويا للهول!


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: