الجمعة، 5 يونيو 2009,12:15 م
«هاللو» مستر أوباما!

خالد صاغية

الأخبار عدد الجمعة ٥ حزيران ٢٠٠٩


مزيداً من التصفيق أيّها السادة. فقد اعترف باراك حسين أوباما بدين الإسلام، لا بل استشهد أيضاً بآيات قرآنيّة في خطابه في جامعة القاهرة. ونحن «المستعمَرين» الذين يغالبنا الشعور بالدونيّة، لم نكفّ عن التصفيق كلّما سمعنا آيةً تتلى علينا بالإنكليزيّة. لكن، بصراحة، رغم هذا التناغم الجميل بين الثقافات والأديان، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المشكلة مع الإدارات الأميركيّة لم تكن ثقافيّة في الأصل، وهي ليست مجرّد اختلافات في وجهات النظر السياسيّة. إنّها اختلافات تعمّقت بدماء مئات الآلاف الذين سقطوا في لبنان، وفلسطين، والعراق، وأفغانستان... سقطوا بسلاح أميركي، بدعم أميركي، وأحياناً بيد أميركيّة، يوم كانت الحرب على العراق تسمّى نضالاً من أجل الديموقراطيّة، والحرب على لبنان مخاضاً للشرق الأوسط الجديد.
لكن، لنضع الماضي جانباً. الرئيس الأميركي يدعونا إلى بداية جديدة. هكذا، ببساطة، من دون أن يجد ضرورة للاعتذار للضحايا. لا نقصد إضاعة وقت الأمبراطور الجديد، لكنّه هو من يدعونا إلى الشراكة، ومن حقّنا أن نصدّق. لكن، مهلاً، يستدرك أوباما. فنحن، ما زال أمامنا الكثير لنتعلّمه من «الأخ الأكبر». لن يفرض علينا الديموقراطيّة، قال، لكنّه سيفرض علينا حقوق الإنسان. شكراً على تغيير «الإتيكيت».
وفي أوّل تطبيق للوصفة الجديدة، أراد أوباما من الموارنة اللبنانيين أن يستعدّوا للنظر إلى أنفسهم كأقليات، تماماً كالأقباط، وسيدافع هو عن حقوقهم. أمّا «حماس» المنتخبة ديموقراطياً، فـ«تمثّل، ربّما، بعض الفلسطينيّين». واحتراماً لحقوق الإنسان هذه، على المقاومات المسلّحة في المنطقة أن تنبذ العنف، لأنّ التاريخ (!)، على ما يبدو، أثبت أنّ المقاومة العنفيّة خاطئة. وماذا في المقابل؟ تكرار الكلام نفسه بشأن حلّ الدولتين وخريطة الطريق في فلسطين، مع التجاهل التام لمسألة اللاجئين وحق العودة. أمّا إيران، فعليها التخلّي عن أحلامها النوويّة، تجنّباً لسباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط، وكأنّ إيران هي من افتتح السباق. «هاللو» مستر أوباما!
لم تحمل الإمبريالية دائماً خطاباً مبنيّاً على العنف. غالباً ما كان الإغراء أقوى. ويبدو أنّ «التنمية» ستصعد إلى السطح مجدّداً. استعدّوا لمزيد من الضحايا الذين سيسقطون هذه المرّة باسم الإنسانيّة والتقدّم.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: