الاثنين، 1 ديسمبر 2008,7:28 م
اركض... اركض

خالد صاغية

الأخبار عدد الاثنين ١ كانون الأول ٢٠٠٨

المشاركون في ماراثون بيروت افتقدوا هذا العام الرئيس فؤاد السنيورة. دولته، بعد تعيينه رئيساً للحكومة للمرّة الأولى، أراد أن يمحو من ذاكرة الناس صورة مدقّق الحسابات الذي يفرض الضرائب، وأن يعطي عن نفسه صورة تقرّبه من الشعب. وهو من دون شك كان يتابع في الصحف صور رؤساء دول وحكومات يقومون بالجوغينغ الصباحي أمام أعين الناس وكاميراتهم، فلم يتأخّر عن ارتداء الشورت والمشاركة في ماراثون بيروت. لكن، هذا العام، لم يتمكّن الرئيس السنيورة من المشاركة. إلا أنّ ذلك لم يمنعه من الركض.

السنيورة ركض فعلاً يوم أمس، لكنه سلك طريقاً غير طريق الماراثون. فهو لا يستطيع التوقّف عن الركض أصلاً. طموحاته لا يمكن أن تتحقّق وفق سرعة سير عاديّة. لا بدّ من الركض، من الجري، من النطنطة، من الهرولة، من الشقلبة، من تسلّق الحبال، والقفز العالي...

فليس سهلاً الاستمرار في السياسات الاقتصادية نفسها بعد الأزمة العالميّة. يحتاج الأمر لبعض الركض قبل أن تأتي مؤسّسة دوليّة وتضربنا على أيدينا وتقول: كفى. لا نيوليبرالية بعد الآن. لا يمكن الاستمرار في إفقار الفقراء إلى ما لا نهاية.

يحتاج الأمر لبعض الركض قبل أن يتوقّف الخليج العربي عن إنكار تأثّره بالأزمة، فيعيد إلينا «الأدمغة» التي شجّعناها، أو شجّعتها السياسات الاقتصادية نفسها، على الهجرة.

يحتاج الأمر لبعض الركض حتّى يتمكّن من حوّلوا أنفسهم بيادق للمشروع الأميركي المتعثّر، أن يستمرّوا على رأس السلطة.

يحتاج الأمر لبعض الركض للهروب من الواقع، حتّى لا يرى المرء الهزيمة على وجوه حكّام إسرائيل بعد تمّوز 2006.

يحتاج الأمر لبعض الركض حتّى يستمرّ في نبذ الطائفيّة وإشعال نارها في الآن نفسه.اركض... اركض... يا دولة الرئيس. ففي نهاية الطريق، لا بدّ من أن تصادف إشارة النهاية.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: