الاثنين، 29 سبتمبر 2008,7:05 م
أهل الفقيد
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ٢٩ أيلول ٢٠٠٨
يمكن التسليم بالطائفيّة كأحد دوافع العمل السياسي في لبنان. لكن من الصعب القبول بحصر العمل السياسي بالتسابق على بثّ التحريض الطائفي، والدفاع عن مصالح الطوائف. الجلسة الأخيرة لمجلس النوّاب كشفت أنّ «شلش الحيا» قد طقّ فعلاً، ما يرجّح دخولنا منذ اليوم حتّى موعد الانتخابات النيابيّة في موجة من السعار الطائفي شبيهة بما شهدناه إبّان انتخابات المتن الفرعيّة، يوم جرى التسابق على استثارة المشاعر الطائفيّة والتباهي بالمجازر التي ارتكبت بحقّ الفلسطينيّين في لبنان. يومها، كانت الانتخابات تجري على مقعد واحد، والتنافس محصوراً بين زعيمين من الطائفة نفسها. يمكن التكهّن بما سيؤول إليه الوضع خلال انتخابات ستجري في كل الأقضية، وفي يوم واحد. عندها، ستمتلئ رئات المواطنين بالهواء الطائفي، وستتلبّد السماء بغيوم طائفيّة، وستمتلئ صناديق الاقتراع بأسماء طائفية لمرشّحين ركبوا بوسطات طائفيّة يقودها أمير طائفي.
لقد نجح الساسة اللبنانيّون في تجاوز أدقّ المراحل السياسيّة، والانطلاق في حملة تقبيل لحى، كأنّ شيئاً لم يكن، من دون تقديم أيّ نوع من التنازلات لإصلاح النظام السياسي الذي أوصل البلاد إلى شفير حرب أهليّة. وقد فُوِّتت فرصة إدخال إصلاحات حقيقيّة على قانون الانتخاب. حدث ذلك أمام شهود زور كثيرين. كانوا هناك، وصفّقوا طويلاً، غير آبهين بما تصنعه أيديهم، ما دامت مقاعدهم الوثيرة ما زالت تتّسع لهم.
من الصعب تحميل اجتماع المجلس النيابي وحده مسؤولية كلّ ذلك. صدق من قال إنّ المطلوب الحفاظ على «روحيّة» اتفاق الدوحة. فالواقع أنّ السياسة في لبنان قد ماتت مع اتفاق الدوحة، وربّما قبل ذلك، حين أساء فريقٌ ائتمان السلطة، وحين ردّ فريق آخر بالحسم العسكري. ما جرى في مجلس النوّاب يوم السبت لم يكن إلا مراسم الجنازة. لكنّ البهجة كانت واضحة على ملامح أهل الفقيد.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: