الخميس، 21 أغسطس 2008,4:04 م
فؤاد الرابع عشر
خالد صاغية
الأخبار عدد الخميس ٢١ آب ٢٠٠٨
لا تزال قوى 14 آذار، الهزليّة منها والجديّة، مصرّة على الخلط بين السلطة والدولة. فحين ترد مثلاً عبارة «بناء الدولة»، يكون المقصود تدعيم الإمساك بالسلطة. وحين يقال إنّ فلاناً «رجل دولة» غالباً ما يُقصَد أنّه مهووس سلطة، وغير مستعدّ للتخلّي عنها، مهما بلغت الاعتراضات الشعبيّة عليه.
هذا الخلط ليس جديداً في عالم السياسة. وكثيراً ما كان يُستخدَم في الأنظمة الملكيّة التي يرعى بعضُها اليوم رجالَ الدولة عندنا. الغريب هو أن يصدر هذا الخلط عن حركة تقدّم نفسها كداعية ديموقراطية في المنطقة، وهي التي وصلت إلى السلطة على متن تظاهرات مليونيّة، ورئيس وزرائها «منتخب ديموقراطيّاً» في البيت الأبيض.
هكذا صُنِّفت الحملات ضدّ الرئيس فؤاد السنيورة خلال ولايته الأولى، على أنّها حملات ضدّ الدولة. أمّا عزل رئيس الجمهوريّة آنذاك، فكان جزءاً من بناء الدولة. فكفكة شبكة الاتصالات التابعة للمقاومة هي جزء من استكمال بناء الدولة. أمّا المقاومة لتحرير الأرض، فهي امتهان لمبدأ احتكار الدولة للعنف.
لقد عاد هذا الخلط إلى الواجهة مع طرح موضوع صلاحيّات نائب رئيس الحكومة. وإن حاول البعض التمترس خلف «صلاحيّات الطائفة السنّية» ـــــ وهو على أيّ حال سلوك لا يليق بعتاة بناء الدولة ـــــ فإنّ التعبير الأبلغ عن موقف قوى 14 آذار جاء على لسان النائب القوّاتي فريد حبيب.
فقد كان حبيب بليغاً في صراحته حين دعا اللواء عصام أبو جمرة إلى الانضمام إلى قوى 14 آذار إذا ما «أراد أن يستقرّ له مقام في السرايا». ذلك أنّ «ما لم تستطع قوى 8 آذار أن تأخذه بالحرب لن تستطيع أن تناله بالسلم، والسرايا الحكومية هي قلعة الصمود اللبناني، ولن تستطيع قوى الشرّ أن تنال منها طوال سنة ونصف من الحصار ومن ثمّ القتال».
لقد بات اللواء أبو جمرة جزءاً من محور الشرّ وفق التصنيفات البوشيّة ـــــ الأربطعش آذاريّة. أمّا السرايا الحكومية نفسها، لا قاطنوها وحسب، فتمثّل محور الخير. زالت الفوارق تماماً بين السرايا وحاكمها. إنّهما واحد أحد. درس جديد في الديموقراطيّة تحمله إلينا ثورة الأرز.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: