الاثنين، 3 أغسطس 2009,5:17 م
فعلها مرّة أخرى

خالد صاغية

الأخبار عدد الاثنين ٣ آب ٢٠٠٩

«قرار وطني حكيم»... «لبنة صلبة في الخيار القومي المقاوم»... «خطوة جريئة عاقلة»... «متوقّعة من وليد بك»... «حماية الهوية العربية المقاومة»... «قدسيّة العلاقة الاستراتيجية بين الشعبين التوأم لبنان وسوريا»... «أهلاً وسهلاً بهذا القرار الوطني العربي النابع من تاريخ هذه الأمّة المقاومة».
هذه عيّنة من عبارات المديح التي بدأ يتلقّاها النائب وليد جنبلاط من أركان المعارضة السابقة، ترحيباً بمواقفه الجديدة. لكنّ وليد بك لم يكتفِ بإطراب «المعارضة» صباح أمس، بل أصرّ أيضاً على دغدغة مشاعر اليساريّين الذين عبّر بعض فصائلهم عن «الفرح الشديد» بعودة جنبلاط إلى «الحضن الدافئ لقوى المقاومة والوطنية والتقدم والعروبة»، متمنّياً «استعادة وحدة الحركة الوطنية اللبنانية». لا بل شمّر الفصيل عن سواعده لبدء «العمل على تنفيذ البرنامج المرحلي للقائد الراحل المعلم الخالد كمال جنبلاط».
في المقابل، جاء ردّ «المستقبل» الساخط «مهضوماً». فإذا كانت المسألة عودة من اليمين إلى اليسار دفاعاً عن العمّال والفلّاحين، فلقد كان «رفيق الحريري عارفاً بمآسي الناس العاديّين، عمّالاً وفلاحين، فكرّس حياته لتحسين معيشتهم»، كما جاء في بيان التيّار النيوليبرالي.
لا ينبغي لاستدارة جنبلاط الأخيرة أن تفرح أحداً. فهي إن دلّت على شيء، فعلى عبثيّة النظام اللبناني. ذاك النظام الذي يحشر دائماً زعماء الأقليات في الزاوية، فيجبرهم على أداء دور البهلوان السياسي. لا يبرّئ هذا الكلام وليد جنبلاط، فهو الابن البارّ للنظام، وأكثر المدافعين في العمق عنه، وأكثر المتباهين بإتقانهم لعبته.
لا ينبغي لهذه الاستدارة أن تفرح أحداً. فهي واحدة من مهازل التاريخ النادرة، حين يخوض حزب الانتخابات وفقاً لبرنامج ولتحالفات معيّنة، ثمّ ينسحب من التحالف ويتنصّل من البرنامج، فور فوزه في الانتخابات. إنّها لحظة سوداء أخرى تشير إلى لاجدوى عملية الاقتراع في لبنان.
الذين آنسهم التحليل الطبقي في كلام جنبلاط، عليهم مراجعة الخطب الراديكاليّة ضدّ أرباح المصارف والاحتكارات خلال اعتصامات وسط العاصمة، وأن يفكّروا في أيّ زاروب يُوظَّف الصراع الطبقي هذه المرّة.
أمّا هواة التحليل الطائفي، فبإمكانهم الملاحظة أنّ الزعيم الدرزي حسم أمره: لا مشكلة لديه مع السنّة. لكنّه لن يخوض معركة دونكيشوتيّة ضدّ الشيعة. لم يبقَ إلّا «حْدَيْدان في الميدان». لا بأس إذاً من التذكير بـ«جراثيم الانعزال» و«محطّة سوق الغرب».
لقد فعلها وليد جنبلاط مرّة أخرى. بكلمة واحدة، غيّر كلّ شيء. أَنْجِدوا البطريرك صفير.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: