الأربعاء، 1 أبريل 2009,7:30 م
الخوف على الاقتصاد!

خالد صاغية

الأخبارعدد الاربعاء ١ نيسان ٢٠٠٩


لم يتوانَ النائب سعد الدين الحريري عن الإعلان أنّ وصول فريق 8 آذار إلى السلطة ستكون له نتائج سلبيّة على الوضع الاقتصادي. قد يكون الحريري على حق. لكن هذا نصف الحقيقة التي يحتاج استكمالها إلى الحديث عمّا ستكون النتائج الاقتصاديّة لوصول فريق 14 آذار إلى السلطة.
لقد كرّس اغتيال الرئيس رفيق الحريري كذبة لا تزال تتناقلها الألسُن كما لو أنّها حقائق، وهي كذبة تضرب عرض الحائط بالواقع الاقتصادي والمعيشي الماثل أمامنا.
فقد أُريدَ للشعب اللبناني أن ينسى مليارات الدولارات المتراكمة عليه وعلى أبنائه وأحفاده جرّاء سياسة الاستدانة الظالمة. وقد أعطيت مختلف التبريرات لحجم الدين، من كلفة الإعمار إلى قنوات الهدر والفساد إلى المشاريع التنمويّة، فيما الجميع يعلم أنّ الحصّة الأعظم من هذا الدين ذهبت فوائد حصل عليها مَن لم يكن بعيداً عن السلطة وحلفاؤه في القطاع المصرفي.
وأريدَ للشعب اللبناني أن ينسى جنون نظريّة الجنّة الضريبية التي تحوّلت إلى فرض رسوم أثقلت كاهل المواطنين.
وأُريدَ للشعب اللبناني أن ينسى واحدة من أكبر عمليات السطو التي جرت في البلاد، والتي تمثّلت باستملاك أراضي وسط المدينة وتحويلها إلى مساحة تشبه كلّ شيء إلا «وسط مدينة».
ليس هنا المجال للغوص في تفاصيل السياسات الاقتصادية لتيار المستقبل. يكفي القول إنّ هذه السياسات التي لا تزال قوى 14 آذار تدافع عنها (باستثناء وليد جنبلاط حين يهبّ عليه الهوى اليساري فجأة فيطالب بالتأميم وبالاشتراكية الإنسانيّة)، هي جزء من رزمة سوِّقَت في العالم خلال العقود الأخيرة، وما زالت المؤسسات الدولية التي سوّقتها لأهداف طبقيّة معروفة، تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء وجهها، فتقرّ بالخطأ حيناً، وتعتذر أحياناً، وتتأتئ متمتمةً أشياء غير مفهومة في أحيان ثالثة...
لم يعد بإمكان أحد أن يغشّ الآخرين بعد كلّ ما جرى. لقد طُبِّقت السياسات النيوليبرالية في العالم، والسياسات الحريريّة في لبنان، لخدمة تحالف طبقيّ بقيت أكثريّات الشعوب، ومنها الشعب اللبناني، خارجه.
اليوم، وفيما تجري التحضيرات لانتخابات نيابيّة، ينبغي رفع الصوت ضدّ المعارضة التي لا تملك برنامجاً بديلاً تطرحه في وجه البرنامج الاقتصادي الحريري، وخصوصاً أنّ بعض أطرافها كان قد شارك في الحكم خلال الحقبة السابقة. إلا أنّ هذا لا ينفي أنّ أسوأ ما يمكن أن تقدم عليه المعارضة هو الاستمرار في النهج الحريريّ نفسه.
فالخوف ليس من وصول المعارضة إلى الحكم. الخوف هو من الخضوع للترهيب الذي مارسه الحريري الأب في السابق ويمارسه الحريري الابن حالياً من أنّ ما يطرحانه من سياسات اقتصادية منحازة طبقياً هو السبيل الوحيدة للحياة.
صحيح أنّ «المجتمع الدولي» كان يرفض الأخذ بجدية أي سياسات لا تتلاءم والرزمة النيوليبرالية، إلا أنّ هذا الوضع تغيّر. فحتّى التسلّط الطبقي المطلوب له الاستمرار على المستوى العالمي، بات يبحث عن سياسات مغايرة بعدما وصلت سياساته السابقة إلى حائط مسدود.
ولا بدّ من التسجيل هنا للنائب ميشال عون أنّه كان أوّل من أسقط «تابو» الحريريّة، رافضاً أن يقف الاستشهاد حاجزاً أمام مساءلة المرحلة السابقة، والإفادة من أخطائها، ومنع تكرارها.
صحيح أنّ عون فعل ذلك من دون امتلاك رؤية مغايرة (حتّى هذه اللحظة)، وانطلاقاً من التنافس السياسي ليس إلا، غير أنّه يبقى له فضل إسقاط المحرّمات في محاكمة السياسات الاقتصادية السابقة. وهو دور ما كان يمكن حلفاء عون في المعارضة القيام به، إمّا لشراكتهم في قبول تلك السياسات ما دامت تصلهم فتات موائدها، وإمّا تجنّباً لإثارة نعرات سنّية ــ شيعيّة، ما دامت الطوائف باتت تختزل بأشخاص زعاماتها.
وصول فريق 8 آذار إلى السلطة ستكون له نتائج سلبيّة على الوضع الاقتصادي؟ ربّما. لكن السؤال هو ماذا أبقى فريق 14 آذار أصلاً من هذا الوضع؟


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: