الأربعاء، 8 أكتوبر 2008,8:58 م
ماذا عن السنيورة؟
خالد صاغية
الأخبار عدد الاربعاء ٨ تشرين أول ٢٠٠٨
يتّفق معظم المحلّلين على أنّ إحدى النتائج الأساسية للأزمة المالية العالمية هي إعلان نهاية نوع محدّد من الرأسمالية، هو ذاك النوع الذي عرف بالنيوليبرالية. والسياسات النيوليبراليّة، كما هو معروف، تتكوّن من وصفات عدّة منها إلغاء القيود على التجارة، خفض الضرائب على الشركات الكبرى، إزالة العوائق أمام انتقال رؤوس الأموال، الخصخصة، حصر دور الدولة بتسهيل اشتداد قبضة رأس المال على المجتمع... كلّ ذلك، يقول المدافعون عن النيوليبرالية، من أجل تحفيز الاستثمار والنموّ الذي يخلق فرص العمل ويوزّع بالتالي الخيرات على الجميع، وإن بنسبة غير متساوية. أمّا المناوئون للنيوليبرالية، فيرون في هذه السياسات استعادة للتسلّط الطبقي على المجتمع. مهما يكن الأمر، يمكن القول إنّ العالم يسدل ستارته على هذه «العقيدة» التي تحكّمت بالمجتمعات منذ نهاية السبعينيات.
في لبنان، ثمّة أسئلة عن تداعيات الأزمة العالمية. تطمئن المصارف على وضعها، وتكثر التصريحات التي تقول إنّ الليرة لن تتدهور، وإنّ الاقتصاد اللبناني سيكون بمنأى عن العواصف، ويبالغ البعض في تطميناته متغافلاً عن التأثيرات التي ستصيب لبنان، وخصوصاً إذا ما اشتدّت الأزمة على الأسواق الخليجية.
لكنّ الحديث اللبناني لا يركّز على سياسات الحكومة اللبنانية والمدرسة الاقتصادية القابعة خلفها. فالتداعيات لا تشمل فقط المؤشّرات الاقتصادية، بل السياسات أيضاً. فإذا كان الدرس من هذه الأزمة سقوط العقيدة النيوليبرالية، يجدر بنا السؤال: ماذا يفعل تلميذ النيوليبرالية النجيب فؤاد السنيورة على رأس الحكومة اللبنانية؟ ويلي ذلك سؤال آخر عن مصير الحريريّة التي بنت كلّ مجدها في لبنان على تطبيق وصفات النيوليبرالية فيه.
لقد سبق للبنان أن ارتكب خطأً مميتاً إذ دخل نادي الدول المسرفة في استدانتها بعدما باتت واضحةً مع بداية التسعينيات النتائج الكارثية للاستدانة العالية لدول العالم الثالث. اليوم، يدخل لبنان في تطبيق ما يسمّيه السنيورة ووزراؤه الأمينون «إصلاحات» ليست إلا مزيداً من الوصفات النيوليبرالية، وهم يفعلون ذلك بعد انهيار هذه العقيدة.
لسنا، والحال هذه، ممّن يفوتهم القطار مرّتين، بل ممّن يركبون قطاراً وهم يدركون تماماً أنّ محطّته الأخيرة ليست إلا الهاوية نفسها.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: