الجمعة، 4 مارس 2011,9:58 ص
الرئيس المناضل
خالد صاغية
الأخبارالعدد ١٣٥٤ الجمعة ٤ شباط ٢٠١١

الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز يريد إرسال بعثة سلام دوليّة لتسوية النزاع في ليبيا، وذلك تجنّباً للتدخّل الأجنبي في البلد النفطي. أمّا هدف البعثة، فالقيام بوساطة بين الزعيم الليبي معمّر القذافي والمتمرّدين. ولمزيد من التشويق، وُصفت البعثة بـ«بعثة المساعي الحميدة». كيف لا، وفنزويلا وليبيا، وفق تشافيز، متّحدتان «في مصير واحد، ومعركة واحدة، ضدّ عدو واحد» هو الإمبرياليّة الأميركيّة!
هوغو تشافيز على حق حين يتخوّف من غزو أميركيّ لليبيا. وهو على حق حين يتساءل عمّا يريده الأميركيّون والأوروبيّون من ليبيا، فيجيب نفسه: النفط. أمّا عداء القذافي للإمبرياليّة، فادّعاء مثير للغثيان، وخصوصاً بعدما خلع «العقيد» ثيابه الأنيقة أمام الأميركيّين، ولم يُعرَف من عدائه لهم إلا بعض التهريج في المناسبات «الوطنيّة».
والواقع أنّ ثمّة يساراً ويميناً يصرّان على وضع القذافي في خانة «نضاليّة». وكلاهما يفعل ذلك بخبث موصوف. فاليمين يريد مصادرة الثورات الشعبيّة في العالم العربي، عبر ادّعاء تماهٍ بين ديكتاتوريّات المنطقة وبين العداء للسياسات الأميركيّة فيها، وبين اليسار وكراهية الديموقراطيّة. ولا يرفّ جفن ذاك اليمين لحقيقة أنّ معظم تلك الديكتاتوريّات، إن لم تكن كلّها، كانت دائماً خادماً أميناً للمصالح الأميركيّة في المنطقة، وكانت دائماً منحازة طبقياً ضدّ عامّة شعبها. أمّا اليسار الذي على شاكلة تشافيز، فما زال ـــــ رغم سقوط المعسكر الاشتراكي ـــــ يصرّ على وضع نفسه في موقع المستخفّ بمسألة الحريات والمدافع عن فكرة «الزعيم» الذي يختزل الشعب كضمانة وطنيّة في وجه الاستعمار والإمبرياليّة. أضف إلى ذلك أنّ الصراخ ضدّ الإمبرياليّة اللاهثة وراء النفط يستبطن ادّعاءً آخر، هو أنّ القذافي لا يقف ضدّ عملية السطو الغربيّ وحسب، بل يستخدم النفط أيضاً في مشاريع تنمويّة أزالت الفقر من ليبيا، وقلّصت الفوارق الاجتماعيّة فيها.
لعلّ المعنى العميق لهذه الثورات العربيّة أنّ من شأنها إخراج العالم العربي من قبضة هذين اليسار واليمين المبتذَلَيْن، نحو تيّارات سياسيّة يساريّة ويمينيّة من نوع آخر، ليبراليّة واشتراكيّة من نوع آخر. وبالمناسبة، هل انتبه هوغو تشافيز، الحائز جائزة القذافي لحقوق الإنسان، إلى أنّ الثورتين المصريّة والتونسيّة ما زالتا مستمرّتين، وها هما تسقطان رئيس الحكومة بعد رئيس الجمهوريّة، ومع ذلك لم يظهر بعد «قائد» أو «زعيم» للثورة؟


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: