الثلاثاء، 18 مايو 2010,5:38 م
سياسة، ثأر، وطبقات

خالد صاغية

الأخبار عدد الثلاثاء ١٨ أيار ٢٠١٠


من الصعب فصل معركة صيدا عن المرحلة الثانية من الانتخابات البلديّة. فتيّار المستقبل الذي سار في المسعى التوافقي في المدينة، لم يعد قادراً على الاستمرار فيه، بعدما تلقّى ضربتين في بيروت والبقاع.
ففي العاصمة حيث وضع رئيس الحكومة سعد الحريري ثقله لحثّ الناخبين على الاقتراع بكثافة، جاءت نسبة الاقتراع هزيلة لدرجة تهدّد بإلغاء الانتخابات لو كان قانون الانتخابات مختلفاً. وفي البقاع، خسر «المستقبل» بلدات وقرى مثّّلت معاقله الأساسيّة على مدى الأعوام الخمسة الماضية.
ليست خسارة بعض البلديّات هي الأساس هنا، بل فقدان المستقبل لوهج هيمنته على طائفة بكاملها. وهذا أصلاً ما جعل التوافق في بيروت مستحيلاً، إذ ما كان يمكن الحريري القبول بتمثيل المعارضة السنّية في العاصمة، لأنّ مبدأً كهذا يعني سقوط أحاديّة تمثيل الطائفة.
إذاً، بعد خروج قسم لا بأس به من البقاع من تحت العباءة الحريريّة، وبعد عدم تلبية أبناء بيروت نداء زعيمهم، وبعد الإدراك منذ الانتخابات النيابية أنّ طرابلس لا يمكن أن تكون لقمة سائغة للمستقبل، بات التمسّك بخوض معركة في صيدا لا مفرّ منه.
إضافة إلى هذه الأسباب السياسيّة، لا يمكن إغفال مستوى ثأريّ. فعلى المستوى الشخصي، لا يمكن النائبة بهيّة الحريري أن تنسى هزيمة الانتخابات البلديّة في 2004، التي كانت الضربة الأقسى التي تلقّاها الرئيس المغدور رفيق الحريري خلال حياته السياسيّة. وإلى جانب بهيّة، هناك فؤاد السنيورة الذي يرى في أسامة سعد تجسيداً لكلّ المعارضة السابقة، ويحاول كسره في صيدا تعويضاً عن كلّ ما حقّقته تلك المعارضة من مكاسب منذ اتفاق الدوحة إلى اليوم.
مقابل ذلك، كان سعد يصرّ على إعطاء المعركة جانباً طبقيّاً. فيتحدّث عن السياسات الاقتصادية الظالمة، عن ضرورة تمثيل الفئات الشعبية في المجلس البلدي، عن مصالح الكادحين من أبناء صيدا... التراجيديا الفعليّة هي أنّه كلّما ارتفع «الدوز» الطبقي لدى سعد، كان آل الحريري يسعون لتأمين مزيد من الوظائف لأبناء صيدا في شركاتهم وشركات أصدقائهم، حتّى باتت الساحة ملائمة تماماً لتصريح فظّ أدلى به المرشّح التوافقي سابقاً محمّد السعودي (يا لتصادف الأسماء)، وأعلن فيه أنّ برنامجه يسعى إلى تحويل مدينة صيدا إلى «سوليدير».
فليتهيّأ الصيداويّون إذاً. نصفهم سترسله طائرات الحريري إلى الخليج، ونصفهم الآخر سترميه جرّافات الحريري في الشارع.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: