الأربعاء، 12 مايو 2010,12:15 م
متى يصوّت المستقبل لنفسه؟

خالد صاغية

الأخبار عدد الاربعاء ١٢ أيار ٢٠١٠


الفارق بين الحاكم المتسلّط الفاشل والحاكم المتسلّط الناجح، بسيط. الفاشل يعلن تسلّطه على الملأ. يخبط بيد من حديد. يخرج إلى شعبه ويهدّدهم بالويل والثبور ما لم يطيعوه. أمّا الناجح، فيصوغ خطابه بتعفّف. يعلن نفسه أمام شعبه خادماً للتاريخ وسيرورته. يخترع عقيدة، ويصوّر نفسه كناسك يعمل ليل نهار لإعلاء شأنها.
رئيس الحكومة سعد الحريري يحاول أن يشكّل نسخة لبنانية، وإن كاريكاتورية، من النموذج المتسلّط الناجح. حملاته الانتخابيّة لم تدعُ يوماً للاقتراع لمصلحة تيار المستقبل. كأنّ هذا التيار لا وجود له إلا بصفته الضدّية، كنقيض لمشاريع وحشيّة تحاول النيل من لبنان وشعبه. أمّا رئيس التيار وأعضاؤه، فليسوا إلا جنوداً متفانين في هذه المعركة.
في الانتخابات النيابيّة عام 2005، خرج سعد الحريري على الناس لا ليطالبهم بالتصويت للائحته، بل للتصويب باتجاه صدور القتلة. لم يكن التصويت للمستقبل تصويتاً لآل الحريري، بل كان تصويتاً للسيادة والاستقلال وللثأر من «الإرهابيّين» الذين كانوا معروفين بالأسماء والصور قبل أن يصبحوا فجأة مجهولين تماماً. رجل الأعمال الشاب الذي جاء إلينا من السعوديّة لينصّب نفسه حاكماً مكان أبيه المغدور، لم يكلّ من الترداد أمام جماهيره «أنا بالروح وبالدم بفديكم»، كلّما هتفوا له «بالروح، بالدم، نفديك يا سعد»... يا لتواضع الحاكم.
في الانتخابات النيابيّة عام 2009، كان جرح 7 أيّار لا يزال طريّاً. خرج سعد الحريري على الناس لا ليطالبهم بالتصويت للائحته، بل للتصويت ضدّ سلاح حزب اللّه. وردّد حلفاؤه الصغار «الأشرفية لا تركع إلا للّه، ولا تركع لحزب اللّه»...
في الانتخابات البلديّة، كانت سوريا قد عادت شقيقة، وسلاح حزب اللّه شُرِّع وجوده في البيان الوزاري للحكومة التي يترأسها الحريري نفسه. فأيّ شعار سيُرفَع بعد اليوم؟ وجدها كتبة قريطم أخيراً. إنّها المناصفة. التصويت للائحة الحريري يعني اليوم التصويت للمناصفة. أي لائحة منافسة... أي دعوة للمقاطعة... أي رفض للتوافق... يعني ضرب العيش المشترك في العاصمة.
باتت المناصفة التي يفترض أن تعني مشاركة جميع الطوائف بالقرار، هي بالضبط السلاح بيد تيّار المستقبل لإرغام الآخرين على التخلّي طوعاً عن حقّهم بالمشاركة، حفاظاً على... المناصفة! عليكم أن تشاركوا إذاً كي يسقط حقّكم بالمشاركة...
لكن يبقى الأمر المحيّر فعلاً، هل سيدعونا تيار المستقبل يوماً للتصويت له بدلاً من التصويت دائماً ضدّ طواحين الهواء؟


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: