الاثنين، 1 فبراير 2010,10:21 ص
ذكرى جامعة
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ١ شباط ٢٠١٠
تحاول بعض القوى السياسيّة في لبنان الترويج لإحياء ذكرى الرئيس رفيق الحريري هذه السنة كذكرى وطنيّة جامعة، انسجاماً مع أجواء «الوحدة الوطنيّة».قد يكون المقصود من هذا الكلام الضغط لصياغة خطاب هادئ في الذكرى، لا يشبه الخطابات المتهوّرة للأعوام السابقة، والتي دفعت البلاد ثمناً باهظاً لها. أمّا إذا كان المروّجون للذكرى الجامعة يعتقدون بما يقولونه حقاً، فينبغي لفت انتباههم إلى استحالة هذا الأمر لأسباب كثيرة:1ـــــ لقد عمد القيّمون على الذكرى السنويّة إلى تحويلها، دوريّاً، إلى مناسبة لتحقيق مكاسب لطوائف وقوى سياسية لبنانية على حساب طوائف وقوى أخرى. وبقدر ما كانت النبرة السياديّة تعلو، كانت الفئويّة تتضخّم.2ـــــ القيّمون أنفسهم جعلوا من الذكرى مناسبة لتغيير موقع لبنان الإقليمي، ونقله من جهة إلى جهة تحت شعار تحييد لبنان الذي تحوّل لاحقاً إلى «لبنان أوّلاً»، قبل أن يصبح عنوان الكتلة النيابيّة التي ينضوي تحتها معظم المشاركين في لقاء البريستول أمس.3ـــــ القيّمون أنفسهم، وإن رفعوا شعار التحييد في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، فإنّهم ربطوا الذكرى بتأكيد الانضمام إلى محور ضدّ محور في العالم العربي، مع ما يعنيه ذلك من تلقّي الدعم من أنظمة والدعوة إلى إسقاط أخرى.4ـــــ بغضّ النظر عمّا حفلت به الذكرى في الأعوام الفائتة، والسلوك السياسي لورثة الحريري وحلفائهم الذين بكوه صدقاً أو زوراً، فإنّ من الصعب اعتبار الحريري نفسه شخصيّة إجماعيّة. فسياساته الاقتصادية والاجتماعية وحدها كفيلة بفضح التحيّز لقسم من اللبنانيّين على حساب قسم آخر. والتحيّز الاقتصادي هنا لا يقلّ حدّة عن التحيّز السياسي الذي ميّز رئيساً لبنانياً آخر، قضى هو أيضاً اغتيالاً من دون أن يتمكّن من تحقيق إجماع حوله.سمير جعجع على حقّ في هذه المسألة. فـ14 شباط ليست مناسبة اجتماعيّة، بل سياسيّة. وقد أكّد لقاء البريستول، أمس، هذا التوجّه، إذ عقد لقاءه تحت شعار «مستمرّون» في محاولة لاستغلال الذكرى من أجل إحياء تجمّع 14 آذار، لا من أجل تقبّل التعازي. وهو تجمّع، كما يعلم الجميع، لم يكن في لحظةٍ إجماعيّاً. وهنا تكمن علّة وجوده وعلّة نهايته.
 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: