الاثنين، 24 أغسطس 2009,7:19 م
هل نام جيّداً؟

خالد صاغية

الأخبار عدد الاثنين ٢٤ آب ٢٠٠٩


لا مشكلة شخصيّة لديّ مع الطائفيّة، ولا مع تحلّق الناس حول زعماء طوائفهم. بإمكانهم أن يفعلوا ذلك إن وجدوا في سلوكهم هذا ما يجعل حياتهم أفضل. لكن، مع الأسف، تشير الوقائع إلى عكس ذلك. على الأقلّ، هذا ما تدلّ عليه وجوه المارّة التعبة، وتعليقات ركّاب الحافلات. لا داعي للإنصات إلى أيّ كلام. يكفي أن تحدّق في العيون، أو تراقب ثقل الهواء، حتّى تشعر بأنّ ما يسمّى الحياة الطبيعيّة أو الفرح العاديّ بعيد عن مُدُننا، بعيد حتّى عن أماكن يفترض أنّها وُجدت خصّيصاً كي يبتعد الناس عن همومهم اليوميّة.
عائلاتٌ على امتداد هذه البلاد تواجه اليوم كابوس الدخول إلى المدارس. سيرسلون أطفالهم بأيّ ثياب وبأيّ كتب وبأيّ مصروف جيب. العجز كامن في عيون الآباء والأمّهات الذين لا يملكون ما يصارحون أبناءهم به، غير اختراع الأوهام للهرب من المصاريف التي لا تنتهي. ذاك العجز، لو يتحوّل إلى غضب، يكفي وحده لقلب الطاولة على رؤوس الجميع.
البرد المقبل على مدارس القرى من سيطرده، وبأيّ سعر للمازوت. أسنان الأطفال ستصطك خلال حصص التاريخ والرياضيات. لا بأس. فمستقبل أولئك الأولاد مضمون: سيرسبون، ثمّ يدخلون إلى الجيش.
على أبواب الجامعات الخاصة، طلاب يبحثون عن ذاك العالم السحري المدعوّ «financial aid». وآخرون يطلبون من الإدارات فواتير مفصّلة لإرسالها إلى «الستّ» أو إلى «الشيخ»... فهم سيتولّون دفعها. مجاهرة بالعطايا، وكأنّها منح تفوُّق.
البرامج الرمضانيّة تتحوّل إلى صدقات. اتّصل واربح وانسَ من أنت. انسَ أنّك وقفتَ اليوم أمام بائع الخضر وسألت «بقديش الكيلو اليوم؟»، ثمّ أطلقتَ صافرةً ومضيت. فالكيلو في هذه البلاد له سعر كلّ يوم. وهذا من عمل الطبيعة.
لكن، ما همّ ما دامت الأبنية ترتفع، وسوق العقارات شغّال. ثمّة سيّاح ومغتربون يدفعون ثمن الشقق، ومصارف تمنح القروض الميسّرة، ومزيد من الأبناء يهاجرون. ضبضبة الشنط باتت هواية لدى اللبنانيّين الذين يعتقدون أنّ البشر عادةً يسافرون ليتعلّموا، ويسافرون ليعملوا. هذه سنّة الحياة، والشكر دائماً للّه ولأولياء الأمور.
أمّا بعد، فهل سافر سعد الحريري إلى السعودية؟ هل عاد سعد الحريري من السعودية؟ هل يستقبل اليوم في قريطم؟ هل يقيم إفطاراً في بيت الوسط؟ هل أمضى إجازة في جنوب فرنسا؟ هل يشعر بالسعادة اليوم؟ هل أكل جيّداً؟ هل نام جيّداً؟ هل لعب وتسلّى؟ أسئلة تشغل اللبنانيّين هذه الأيّام.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: