الخميس، 18 ديسمبر 2008,7:15 م
رشوة
خالد صاغية
الأخبار عدد الخميس ١٨ كانون الأول ٢٠٠٨
نشهد منذ نهاية الحرب إقبال الأثرياء ورجال الأعمال على العمل السياسي، ونشهد أيضاً إقبال المواطنين على انتخابهم. الإقبال مشترك والطرفان راضيان. ثمّة من يريد الوجاهة، وثمّة من يريد السترة، وكلاهما مدرك عبثيّة العمليّة الانتخابيّة. فبكلّ بساطة، لن يتغيّر شيء، أو على الأقلّ، ثمّة اقتناع عميق لدى شريحة كبرى من اللبنانيّين بهذه الفرضيّة. لذلك، حين يقف أحد النوّاب ويتحدّث عن أهالي دائرته قائلاً إنّهم لا يمكن أن يكونوا ممّن يتلقّون الرشى، لأنّهم شرفاء، يظنّ أنّه يدافع عنهم ويذود عن كرامتهم. لكن، حين تنظر إلى ذاك النائب، وتحاول أن تجد الأسباب التي دفعت أبناء دائرته إلى انتخابه، يصبح تأكيد قبولهم الرشوة هو الدفاع الوحيد عن كراماتهم. فإذا كان ذاك النائب قد رشاهم في الدورة السابقة، ويرغب في رشوتهم في هذه الدورة، يمكننا أن نفهم لماذا انتخبوه ويستمرّون في انتخابه. أمّا إذا كانت الرشوة غائبة، فما الذي يمكن أن يدفع المواطنين إلى انتخاب «شتلة» كسعادته؟
إذا كان النائب الكريم حريصاً على كرامات ناخبيه فعلاً، فعليه أن يؤكّد رشوته لهم، وأن يبحبح الرشوة ليقوّي موقفهم المتمثّل بانتخابه. التصريح بالرشوة إنقاذ للكرامة في واقعنا اللبناني. لكنّ النوّاب اللبنانيين غير عابئين بكرامات ناخبيهم. يريدون أن يرشوا، وأن يعلنوا محاربة الرشوة. لا بل يريدون أيضاً، كما طالب أحد النوّاب، عدم تسهيل هجرة اللبنانيين. أي إنّهم يريدون أن يرشوا الناخبين أوّلاً، وأن يجبروهم ثانياً على البقاء هنا كشهود على أعمالهم الخيّرة وخطاباتهم الإصلاحيّة، علماً أنّ كلا الفريقين مدرك عبثيّة العمليّة الانتخابيّة. فبكلّ بساطة، لن يتغيّر شيء، أو على الأقلّ، ثمّة اقتناع عميق لدى شريحة كبرى من اللبنانيّين بهذه الفرضيّة.
 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: