الاثنين، 28 يونيو 2010,3:18 م
اطلبوا العلم في رومانيا

خالد صاغية

الأخبار عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠


يمثّل عدم الاكتراث بقضايا الاقتصاد العالمي إحدى النواقص الأساسيّة في الإعلام اللبناني المرئي والمكتوب على حدّ سواء. التشابك بين اقتصادات الدول الذي بات أكثر شفافيّة وحدّة في زمن العولمة، لم يسهم في حلّ هذه المشكلة. حتّى الأزمة المالية العالمية غير المسبوقة منذ ثمانين عاماً، لم تستفزّ الكثير من الأقلام. وإن فعلت، فلفترة وجيزة لم تفلح الأزمة اليونانية والسجال حول اليورو في تمديدها.
وسط هذا الخمول الذهني، تطلع علينا إحدى المحطات التلفزيونية المحلية، في شريط أخبارها، بخبر استمرّ بثّه طيلة أربع وعشرين ساعة. فحوى الخبر: قرّرت الحكومة الرومانيّة زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 19% إلى 24% بهدف الحدّ من عجز الموازنة. الغريب أنّ عدم الاكتراث بالاقتصاد العالمي لا يضاهيه عادةً إلا عدم الاكتراث بأخبار بلد كرومانيا. فمن أين جاءت هذه الهمّة لملاحقة آخر الأخبار الاقتصادية لبلد أوروبي شرقي؟
ما يزيد الأمر غرابة هو أنّ خبر الزيادة على الضريبة على القيمة المضافة جاء مفصولاً عن سياقه. فلم يُذكَر مثلاً أنّ رومانيا موعودة بمساعدات من صندوق النقد الدولي بقيمة 20 مليار يورو، وأنّ هذه المساعدات مشروطة بخطّة تقشّف من النوع العزيز على قلب الصندوق، أي تلك التي تحدّ من التقديمات الاجتماعية لعموم المواطنين، ولا سيّما الأقلّ يسراً. ولم يذكر الخبر أيضاً أنّ المحكمة الدستورية في رومانيا قرّرت رفض اقتطاع نسبة 15% من معاشات التقاعد في البلاد، وهو ما كانت تنصّ عليه خطّة التقشّف التي عرضتها حكومة يمين الوسط، إذ رأت المحكمة أنّ الاقتطاع من معاشات التقاعد غير دستوريّ.
كلّ ذلك يزيد الاستغراب في الترويج للخبر الآتي من رومانيا. لكنّ العجب يبطل حين ندرك أنّ الشاشة التي هلّلت للخبر، ليست إلا الشاشة المملوكة من آل الحريري، وأنّ زيادة الضريبة على القيمة المضافة كانت جزءاً أساسياً من مشروع موازنة 2010 في لبنان، وقد حُذف بعد التفاوض مع سائر القوى السياسيّة في البلاد، من دون أن يمنع ذلك وزيرة المال ريا الحسن من التهديد بأنّ إلغاء الزيادة هذا العام لا يعني إلغاءها من مشروع موازنة 2011.
لقد رفعوا الضريبة في رومانيا. احذروا التقليد في لبنان!


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: