الأربعاء، 26 يناير 2011,11:15 م
الجولة الأولى
خالد صاغية
الأخبار العدد ١٣٢٤ الاربعاء ٢٦ كانون الثاني ٢٠١١

كان الشارع، أمس، ملكاً لتيّار المستقبل. لم تواجهه جماهير من الطرف الآخر، سواء انتمت إلى المعارضة أو إلى أنصار الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي. ومع ذلك، بدا الأخير في ظهوره التلفزيونيّ المسائيّ كالخارج منتصراً من المعركة. ليست معركة الاستشارات وحسب، بل معركة الشارع التي خاضها متفرّجاً. فرغم إثبات سعد الحريري امتلاكه ما يكفي من شعبيّة كي يقطع الطرقات من الشمال إلى الجنوب، وهي شعبيّة لا يتشكّك فيها أحد، فإنّ ميقاتي قد نجح في تجاوز النهار الصعب مسجّلاً نقاطاً عدّة:
أوّلاً، لو أثبت «يوم الغضب» أنّه يوم غضب فعلاً، لكان على الرئيس المكلّف أن يفهم أنّه يستطيع أن يدخل إلى السرايا، لكنّه لن يتمكّن من الدخول إلى منزله في مدينة طرابلس بعد اليوم. لكنّ ما حدث كان عكس ذلك تماماً. إذ يبدو أنّ عاصمة الشمال لم تقدّم للمعتصمين إلا ساحتها. أمّا المعتصمون أنفسهم، فجاء معظمهم من خارج المدينة، من الضنية وعكّار تحديداً. ومن دون أن يرفّ لهما جفن، تابع النائبان أحمد كرامي ومحمّد الصفدي طريقهما إلى قصر بعبدا ليصوّتا لمصلحة حليفهما.
ثانياً، نجح ميقاتي في مصادرة صورة الاعتدال والهدوء التي حاول الحريري دائماً استخدامها في وجه حزب اللّه. فقد تخلّى رئيس الحكومة السابق عن رفضه اللجوء إلى الشارع، وعن احتقاره لحرق الإطارات وقطع الطرقات، وعن تمسّكه بالاحتكام إلى المؤسّسات، غير مدرك للقيود التي لا حياة للحريريّة من دونها. فتماماً كما أنّ المقاومة تخسر من رصيدها حين تدخل إلى زواريب بيروت، تخسر الحريريّة كلّ رصيدها حين تحرق إطاراً واحداً في الشارع.
ثالثاً، لم تصدر حتّى اللحظة أيّ إدانة دوليّة لتكليف ميقاتي رئاسة الحكومة. وزيرة الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون اكتفت بالإعلان: «نحن نراقب ما تفعله هذه الحكومة الجديدة، وسنحكم عليها تبعاً لذلك». الاتحاد الأوروبي لم يفعل سوى تأكيد ما قاله ميقاتي نفسه، أي «السعي إلى التوافق». السعوديّة صامتة، لكنّ تصويت بعض النوّاب، وترشّح ميقاتي نفسه، يشيان بأنّ المملكة على الأقلّ لا تضع فيتو على ما يجري.
ما زال مبكراً التكهّن بما ستحمله الأيّام المقبلة في الأوساط السنّية. لكنّ المؤكّد أنّ نكسة سعد الحريري الحقيقيّة كانت في ما جرى يوم أمس في الشارع، لا في قصر بعبدا. فأن يخسر سعد رئاسة الحكومة أمر يمكن تعويضه. لكن، أن يخسر سعدُ الحريري نفسَه، فهذا ما لا يخدم إلّا خصومه.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: