الثلاثاء، 18 يناير 2011,7:24 م
عناية إلهيّة
خالد صاغية
الأخبار العدد ١٣١٧ الثلاثاء ١٨ كانون الثاني ٢٠١١

طلب ميشال عون، أوّل من أمس، من اللّه أن يلهم وليد جنبلاط. وقد استُجيب طلبه، فألهم اللّه جنبلاط فعلاً، لكن في غير الاتّجاه الذي كان يتمنّاه عون. ففي الواقع، لو ذهب جنبلاط في رحلة معاكسة، لما بدا تحرّكُه نتيجةَ إلهام ربّاني، بقدر ما كانت حركته ستمثّل ضرباً من ضروب الجنون غير الغريبة عن جنبلاط نفسه وغير الغريبة عن عون أيضاً.
حلّ الإلهام مكان الجنون، ولم تصبّ أصوات مجموعة من نوّاب اللقاء الديموقراطي في مصلحة تأليف حكومة من لون واحد تمسك بها المعارضة. فحكومة كهذه، أيّاًَ يكن رئيسها، ستُدخل البلاد في نفق مظلم تماماً كما يمكن أن يحصل لو تمكّن سعد الحريري من تأليف حكومة تستبعد المعارضة. طبعاً، هذا كلام ضدّ السياسة وضدّ الحياة السياسيّة التي ينبغي أن تشهد صراعاً ديموقراطياً بين أكثريّة حاكمة وأقليّة معارضة خارج الحكم. لكنّنا نعرف منذ زمن طويل أنّ السياسة انتهت في بلادنا، منذ أن أقفلت الطوائف الكبرى على نفسها وتحلّقت حول مشروع واحد وزعيم واحد. ومَن فاته مشهد الجنازة في آذار 2005، أُعيد بثّ المشهد نفسه في الدوحة ثمّ في البرلمان اللبناني يومَ انتُخب ميشال سليمان رئيساً.
وغنيّ عن القول أنّ إحساس الطوائف بتهديد جدّي هو ما يدفعها إلى التحلّق حول زعيمها الأوحد، وإحساس الأخير بالضعف هو ما يدفعه إلى مزيد من اللجوء إلى الطائفة. هذا ما حصل مع حزب اللّه وحركة أمل، وهذا ما حصل مع سعد الحريري أيضاً.
لكن، رغم ذلك، أحلام كثيرة تراود الزعماء القابضين على طوائفهم، ليس أقلّها إلغاء أندادهم لدى الطوائف الأخرى. لقد حلم سعد الحريري بذلك ذات يوم، وساندته دول كبرى. وكان المشهد مغرياً لوليد جنبلاط الذي دفع وحده، دون الحريري، ثمناً باهظاً لما جرى. ربّما كان الحريري مصرّاً على المحاولة من جديد، وربّما كان الحلم المعاكس يراود حزب اللّه اليوم. لكنّ العناية الإلهيّة تدخّلت في الوقت المناسب، وألهمت وليد جنبلاط الذي غادر «ثورة الأرز» وهجر موقعه القياديّ فيها، لكنّه ما زال بعيداً من التحوّل إلى ملحق بـ... ميشال عون.


 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: