الاثنين، 26 يناير 2009,6:06 م
تضامن سلبي
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ٢٦ كانون الثاني ٢٠٠٩


مثّل موسم التضامن مع غزّة إرباكاً لدى بعض القوى والشخصيات اللبنانية. فبين المتضامنين مَن هم حلفاء للمقاومة في لبنان وعنصريّون ضدّ الفلسطينيّين في الوقت نفسه. وبينهم مَن وقف ضدّ المقاومة في لبنان ورفع شعار الدفاع عن الحقوق العربيّة في وجه إسرائيل في الوقت نفسه. فأنصار المقاومة من كارهي الفلسطينيين وممّن امتهنوا بثّ الأفكار العنصريّة ضدّهم، لم يتمكّنوا من وضع أنفسهم في موقع المتضامن مع أهالي غزّة من منطلق إنسانيّتهم وحقّهم في العيش الكريم أو من منطلق عدالة القضية الفلسطينية. لكنّهم، في الوقت نفسه، وجدوا أنفسهم مضطرين خلال العدوان على غزّة إلى اتّخاذ موقف داعم لحركة «حماس» لكون صمودها أو انكسارها ينعكس بطريقة أو بأخرى على المقاومة في لبنان.
لكنّ النفور من الفلسطينيين عموماً دفعهم إلى مخاطبة جمهورهم عبر استدعاء الكراهية لليهود. وقد ارتدت هذه الكراهية زيّاً لاساميّاً عمدت وسائل إعلاميّة إلى النفخ فيه عبر الشعارات التي أطلقتها وعبر ضيوفها الذين أعادوا اكتشاف مسؤولية اليهود في صلب المسيح.
وعلى المقلب الآخر، رأى العديد ممّن وقف ضدّ المقاومة في لبنان، ومن لم تكن مواقفه مشرّفة خلال حرب تمّوز، أن يغسل «عاره» عبر التضامن مع غزّة. فهو مع المقاومة ما دامت بعيدة عنه، ولا مشكلة له مع «حماس» أو أيّ تنظيم إسلاميّ آخر، ما دام يعمل على أرض أخرى، ولا مشكلة له مع ما يسمّيه «الظلاميّة»، ما دام ذاك الظلام في بلاد بعيدة.
وتماماً كما كانت تفعل بعض الأنظمة العربيّة في السابق عبر استخدام القضية الفلسطينية لتلميع صورتها أمام شعوبها، بات ذلك دأب بعض الشخصيات السياسية وغير السياسية التي وجدت في الموقف من غزّة كفّارةً عن موقفها من الجنوب. لكن، لعدم الظهور بمظهر من يدعم المحور السوري ــ الإيراني الداعم لحماس كما لحزب اللّه، لم يكن التضامن من وجهة نظر تأييد المقاومة، بل كان التضامن ضدّ اليهود، وضدّ التوراة!
مرّة أخرى، ننظر إلى خلافاتنا في مرآة الآخرين، فنتأكّد من قبحنا.
 
posted by Thinking | Permalink |


0 Comments: