الخميس، 31 أغسطس 2006,12:06 ص
فقط لو...


خالد صاغية

الأخبار عدد الاربعاء ٣٠ آب


لا بدّ لمن يتابع تصريحات قوى 14 آذار من أن يصل إلى الاستنتاجات الآتية:لا تمانع قوى 14 آذار في أن تسخّر الدولة كلّ طاقاتها من أجل إعادة إعمار سريعة، خصوصاً في الضاحية والجنوب. وذلك من أجل دعم صمود الأهالي، والتأكيد على أنّ لبنان دولةً وشعباً يقف إلى جانب المقاومة.لا تمانع قوى 14 آذار في تأليف حكومة جديدة، بعد الأداء «الفاتر» للحكومة الحالية في تعاطيها مع العدوان الإسرائيلي على لبنان.لا تمانع قوى 14 آذار في تحسين العلاقة مع سوريا، وهي مستعدّة للتعالي فوق الجراح، إذا كان ذلك يصبّ فعلاً في مصلحة المقاومة.لا تمانع قوى 14 آذار في أن يحتفظ «حزب الله» بسلاحه. لا بل تدعو هذه القوى إلى تحويل لبنان إلى رأس حربة لمقاومة «الإمبريالية». وهي تتأسّف للقاء كوندوليزا رايس خلال العدوان، وتفضّل أن يقطع لبنان علاقاته الديبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية بسبب دعمها المفرط لإسرائيل.لا تمانع قوى 14 آذار في اتّخاذ كلّ المواقف المذكورة أعلاه، فقط لو كانت تصبّ في مصلحة الأمّة العربية. فقط لو كانت تعزّز الصمود العربي. فقط لو كانت توقظ حركة التحرّر العربية.لكن للأسف... ما يجعل قوى 14 آذار تقف في وجه كلّ ذلك، وتطالب برأس المقاومة، هو أنّ ما يقوم به «حزب الله» يخدم مصالح بلاد فارس، ولا يلبّي طموحات «ثورة الأرز» العروبيّة.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الأربعاء، 30 أغسطس 2006,12:04 ص
يُوم هُولاداه سامِيَحْ


خالد صاغية
الأخبار عدد الثلاثاء ٢٩ آب

على الأرجح، لم يتمكّن جلعاد شاليت أمس من إطفاء شمعته العشرين. لم يقدّم له أحد قالباً من الحلوى، ولم تصله الهدايا من أهله، أو أصدقائه، أو أحبّائه.الإسرائيليّ جلعاد شاليت الذي خطفه ناشطون فلسطينيون في 25 حزيران عند تخوم قطاع غزة، بلغ أمس العشرين من عمره.لا نعرف كيف احتفل بهذه المناسبة. لا نعرف ما هي الأفكار التي جالت في رأسه حين دقّت الساعة عند منتصف الليل. لا نعرف إن شتم خاطفيه، أم استعاد صوراً ممّا كان يقوم به يوم كان جندياً طليقاً في الجيش الإسرائيلي. لا نعرف أصلاً إن كان جلعاد لا يزال يملك القدرة على التفكير، أم أنّ آلام السجن تمنعه من ذلك.ما نعرفه هو أنّ جلعاد ليس وحده من لم يستطع الاحتفال بعيد ميلاده. آخرون لم يسمعوا هذا العام عبارة «سنة حلوة يا جميل». لم يسمعوها لأنّهم ما عادوا حاضرين بيننا، أو، ربّما، لأنّهم فقدوا كلّ أحبّتهم الذين يذكرونهم في الأعياد. هؤلاء الآخرون، ربّما كان جلعاد قد شارك في فرض الحصار عليهم، وربّما شارك أيضاً في قتلهم أو تدمير منازلهم أمام أعينهم.قد يكون جلعاد فكّر بكلّ ذلك. وقد لا يكون. ما نعرفه هو أنّ السنة القادمة، حين سيجد جلعاد مَن يقول له «يُوم هُولاداه سامِيَحْ»، سيكون مئات من الأسرى الفلسطينيين قد خرجوا إلى الشمس. الشمس التي تشرق للجميع.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الثلاثاء، 29 أغسطس 2006,12:03 ص
في بلادنا «هزّة»
خالد صاغيّة
الأخبار عدد الاثنين ٢٨ آب

حكّ سموّ الأمير رأسه، فاكتشف أنّ «الوضع العربي مأسوي». حكّ رأسه ثانية، وتقدّم إلينا بالحلّ. فقد أمر جلالته، كما جاء على لسان سموّه، بإعداد «الدراسات المطلوبة لتغيير هذا الوضع المأسوي». ربّما هزئ البعض من فكرة مواجهة التحديات الراهنة بحفنة من الدراسات. لكنّ هذا الاستخفاف لا يلبث أن يختفي حين نعلم أنّ هذه الدراسات ستشكّل «منطلقاً لأيّ اجتماع قمّة عربي استثنائي».هنا ينتاب المرء شعور بالارتياح فعلاً. لكنّه ارتياح مصحوب بصدمة المفاجأة. فلمَ سيكبّد الزعماء العرب أنفسهم عناء عقد قمّة كهذه؟ ولمَ كلّ هذه الحماسة من سموّ الأمير؟ يبدو، بحسب المؤتمر الصحافي، أنّ سموّه متأثّر فعلاً بما وصفه بأنّه «الهزّة الأخيرة» في المنطقة.أصيبت المنطقة مؤخّراً بـ«هزّة». وقد هزّت «الهزّة» مشاعر سموّ الأمير.بالطبع، لا يقصد الأمير الهزّات الأرضية الطفيفة التي تصيب المنطقة من حين إلى آخر. وهو لا يقصد أيضاً الهزّات العصبيّة التي تصيب الحكّام العرب بعد الإجهاد الذي يعتريهم جرّاء اهتمامهم بشؤون الرعايا. الأرجح أنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان هي ما يسمّيه الأمير بـ«الهزّة».توصيف يحتاج أن نهزّ له رؤوسنا مهنّئين. وربّما احتاج الأمر أيضاً إعادة تشييع شهدائنا. فقد فاتنا أن نكتب على نعوشهم أنّهم «ضحايا الهزّة». وعلى مدخل بنت جبيل والخيام، علينا أن نعلّق يافطة «هزّة مرّت من هنا».«هزّي محرمتِك هزّي»... فسُمُوّه خائف على «فقدان الهويّة العربيّة».

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
السبت، 26 أغسطس 2006,12:01 ص
برنامج متكامل

خالد صاغية

الأخبار عدد الجمعة ٢٥ آب


بدأت إعادة الإعمار الموعودة تنتج ضحاياها. الضحية الأولى، حتّى الساعة، هو مجلس الإنماء والإعمار. مجلس الإعمار لن يشارك في الإعمار. لا بأس. من سيقوم بالإعمار إذاً؟ للحصول على إجابة، كان لا بدّ من انتظار المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة. جاء المؤتمر، ولم نعثر على جواب.فالسيّد السنيورة أطلق العنان لـ«أبو ملحميّاته» فقال إنّ العملية «ليست بالسهلة، لكن ليس هناك شيء مستحيل». قال أيضاً: «من خلال الإرادة والتعاون يمكننا أن ننجح». وزاد: «نحن نتابع كل الدراسات والإحصائيات النهائية وبشكل يومي». شكر لأجهزة الدولة عملها، لكنّه أوضح أنّ كلّ هذا العمل سيخضع للتدقيق من قبل شركة خاصة! وحين جاء إلى صلب الموضوع، رأى السنيورة أنّ «موضوع الضاحية تحديداً يصار إلى درسه نظراً إلى وجود تعقيدات عديدة». ورأى أنّ «الآلية لمعالجة هذا الكم الكبير من المشاكل ستكون بإيجاد حلول لكلّ نوع من المشاكل». وفي الخلاصة، أعلن أنّه أتاح المجال مشكوراً لبعض المواطنين كي يتبرّعوا ببناء الجسور، وأنّه ينتظر مساعدات ومشاريع تبنٍّ من الدول الصديقة، كما شكر الدول التي سبق أن قدّمت المساعدات!برنامج كامل متكامل أطلقه فؤاد السنيورة من أجل الإعمار. برنامج يستخلص منه أولاً أنّ «دولة المؤسسات» التي يرأسها «رجل الدولة» ليست في وارد احترام المؤسسات. ثانياً، أنّ «دولة المؤسسات» ليست معنية بجدّية بمواطني الدرجة الثانية الذين أصابهم القصف الإسرائيلي. ثالثاً، أنّ رئيس حكومتنا لا يبكي حين يستوجب الأمر البكاء فعلاً.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الخميس، 24 أغسطس 2006,11:59 م
إعمار

خالد صاغية

الأخبار عدد الخميس ٢٤ آب

يستعدّ الرئيس السنيورة لدخول مرحلة ثانية من إعادة الإعمار. وهو كان قد جاء إلى رئاسة الحكومة بعد تجربة مديدة في وزارة المال. كان واحداً من أعمدة مرحلة «إعادة الإعمار» الأولى. تلك المرحلة التي انتهت بكارثة حقيقية، إن على صعيد التوزيع العادل للدخل بين المواطنين، أو على صعيد النموّ الاقتصادي، أو على صعيد المالية العامة.ساد لغط في السابق حول هذه المسائل. أعطي النقاش في الدين العام الأولويّة. تهرّب عديدون من تحمّل مسؤوليّاتهم. لكنّ أحداً لم يسبق السنيورة إلى نظريّته الجديدة.فرئيس الحكومة، بعد تلاوة مشروعه الإعماري الغامض والمليء بالنيات الحسنة، ارتأى أن يعرّج على المرحلة السابقة، وأن يذكّر بالدين العام. فأتحفنا بالنظرية القائلة بأنّ «تراكم الدين العام كان في معظمه ناتجاً من ستّة اجتياحات إسرائيلية». إنّها الاجتياحات الإسرائيلية إذاً. هي التي سبّبت الدين العام. تلك الاجتياحات التي من ضمنها اجتياحات 1982، و1978، و1969! ضربة معلّم فعلاً. فمن جهة، يبرّئ السنيورة ذمّته وذمّة حكومات ما بعد الحرب من سوء إدارة المالية العامة في السنوات السابقة. ومن جهة ثانية، تزايد الحكومة بوطنيّتها عبر اتّهام إسرائيل بالدين العام، وهي (أي الحكومة) كانت قد حاولت تعرية المقاومة، وكادت تطالب برأسها في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تخوض معركتها على لبنان.لا داعي لهذه المزايدة، ولا لهذه «الحربقة»، فكلتاهما منافيتان لمفهومَيْ «الشفافية» و«المساءلة» اللذين سيمثّلان، بحسب رئيس الحكومة، شعار المرحلة الإعمارية الثانية.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الأربعاء، 23 أغسطس 2006,11:58 م
البقعة السوداء
خالد صاغية
الأخبار عدد الاربعاء ٢٣ آب
البقعة النفطية راكدة في قاع البحر. البقعة تهدّد بخنق الحياة في قاع البحر. «المشهد مريع»، بحسب نقيب الغوّاصين.عشرة آلاف طنّ. خمسة عشر ألف طنّ. هذا هو حجم التسرّبات، وفقاً للخبراء. لكنّنا نعرف، مع احترامنا لرأي الخبراء، أنّ هذا الحجم ليس حقيقياً.آلاف الأطنان، عشرات آلاف الأطنان، ليست تكفي كي تزن هذا الثقل القابض على الهواء. ليست تكفي كي تزن هذا الثقل الذي يئنّ تحت وطأته أفراد عاديّون، يسيرون فوق اليابسة، ولا يحملون أيّة علامات فارقة. لا تكفي كي تزن هذا الوجوم العارم الذي نصادفه على وجوه العابرين.مع الاحترام الكامل لجهود المنظّمات البيئية، ولما يتكبّده الغوّاصون من معاناة، لا بدّ من القول إنّ كثيراً من هذا الجهد لا ضرورة له. إذ بخلاف ما يظنّ البيئيّون، البقعة السوداء ليست في قاع البحر. إنّها فوق اليابسة.وبخلاف اعتقادهم أيضاً، لا تُخنَق الحياة في قاع البحر. الحياة تُخنَق هنا في الشوارع والأماكن العامّة. لا يتطلّب الأمر توغّلاً في خصوصيات البشر، ولا الانتقال إلى داخل الجدران الحميمة. وبالتأكيد، لا يتطلّب الأمر غطساً ولا استكشافاً لعالم البحار. البقعة السوداء راكدة هنا. البقعة السوداء تهدّد بخنق الحياة هنا، على السطح. «المشهد مريع». بإمكاننا أن نراه مباشرة، بالعين المجرّدة.لن تُحاصَر البقعة السوداء، كما يتمنّى أنصار البيئة. البقعة آخذة في التمدّد. سيغرق في أوحالها كثيرون، وقد لا ينجو أحد.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الثلاثاء، 22 أغسطس 2006,11:57 م
«حديد بحديد»
خالد صاغية
الأخبار عدد الثلاثاء ٢٢ آب

الحروب تسبّب التشويش عادة. تشويش يفقد معه المرء القدرة على التمييز.اختلطت الأمور مثلاً على بعض أهل السياسة. ما عاد بإمكانهم التمييز بين ما هو مطلوب منهم، وبين ما كان متوجّباً على الأمّ تيريزا، رحمها الله. افتتحوا عهداً يتحوّل السياسيّ فيه إلى رجل أعمال... خيريّة. يختفي رجل الخير، ثمّ يظهر. يدلي بحديث، ثمّ يصمت. لا يعاود الحديث إلا للثرثرة التي يُراد لها أن تكون كلاماً. يُنتظَر منه موقف، فيرسل بطّانيّات رُسمت عليها صوره الضاحكة، ثمّ يَعِد ببناء جسر.اختلطت الأمور أيضاً على المقاومين والصامدين. تكاثرت حكايات الخراب والموت. حكايات تُسرَد لتظهر وحشيّة العدوّ، لكنّ حكاية الموت نفسه، وصورة الميت نفسها تبقى غائبة. حكايات تُواجَه دائماً بعبارة: «كلّو فدا السيّد حسن». كأنّ الوجع للعدوّ، والردّ على الوجع موجّه للعدوّ أيضاً. انتهت فترة الصمود. وما زالت العبارة تتردّد بكثرة، كأنّ لا شيء يهمّ فعلاً. كأنّ لا مجال للخاص بعد اليوم. لا زاوية في البيت يُحزَن عليها. ولا تفاصيل تافهة نتعلّق بها. لا قطعة أثاث بالية تحمل بعض ذكريات لن تبـــاع لنا في الأسواق.نتناسى أحياناً أنّ «التعويضات» سمّيت كذلك، لأنّها تحديداً لا تعوّض كلّ شيء. وعلى رغم ذلك، ثمّة من يريد أن «يعوّض» تعويضاً عن دوره السياسي. وثمّة من يريد أن «يعوّض» كأنّ حادث سير وقع. و«الحمد لله على السلامة... كلّه حديد بحديد».

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الاثنين، 21 أغسطس 2006,11:56 م
«... وضيقة عين»


خالد صاغية

الأخبار عدد الاثنين ٢١ آب

قبل 12 تمّوز، كان «حزب الله» قويّاً. بعد 14 آب، أصبح الحزب أكثر قوّة. قوّته هذه باتت تثير مخاوف أطراف لبنانية عديدة. أطراف كانت تعدّ له الجنازات، فعاد إليها بأقواس النصر. الرحلات السياحيّة إلى أنفاق «حزب الله» تعزّز هذا الخوف. حكايا المقاومين البطوليّة تعزّز هذا الخوف. ستتوالى الحكايا، وتتضاعف الرحلات. وكلّما ازداد لدى البعض الإعجاب بالإنجازات، ارتفعت لدى بعضٍ آخر درجة الخوف.يُعبَّر عن هذا الخوف بترداد مطّرد للازمة «الدويلة داخل الدولة». لكنّ هذه اللازمة، رغم ما يمكن أن يُسبَغ عليها من وجاهة، تبدو اليوم أضعف ممّا تدّعيه. وضعفها هذا لا يبدو نابعاً من حقيقة موازين القوى بين الأطراف السياسية. بل لعلّ جوهر الضعف عائد إلى كون مردّدي هذه اللازمة لا يعبّرون في الواقع عن خوفهم من «الدويلة»، بل عن غيرتهم منها.فـ«دويلة حالات حتماً» تنظر إلى أنفاق «حزب الله» وصواريخه، وتتحسّر على ملكها الضائع. و«دويلة أرز المعاصر» تحاول المحافظة على التمدّد الذي حقّقته بعد الطائف، في ذلك الزمن الذي شُيِّدت فيه «دويلة سوليدير» حجراً حجراً، وصكّاً صكّاً.ليس وجود «الدويلة» هو الكارثة الحقيقيّة بالنسبة إلى أنصار «بناء الدولة». تقع كارثة الدولة اللبنانية في مكان آخر. وهي كارثة ذات وجهين. فحاملو «مشروع بناء الدولة» لا يغارون على المقاومة المدافعة عن سيادة هذه الدولة، إنّما يغارون من «الدويلة» الحاضنة لهذه المقاومة.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
السبت، 19 أغسطس 2006,12:15 ص
بناء الدولة
خالد صاغية
الأخبار عدد الجمعة ١٨ آب
إذا أرادت «الدولة» أن تتدخّل في الاقتصاد، يقال لها: «مش شغلتِكْ».يدعونها لبيع كلّ ما تملك، ولرفع قيودها كافّة عن حركة البيع والشراء. ثمّ يمنعونها من استخدام أي نظام ضريبي يعيد إنصاف من قذفت بهم السوق إلى خارج الحياة.وإذا أرادت «الدولة» أن تسلّح جيشها وقواها الأمنية، يقال لها: «مش شغلتِك».يحذّرونها من ارتفاع الميزانية العسكرية. ويقولون إنّ العجز في الموازنة العامّة لا يسمح بتقوية الجيش، ناهيك عن الخوف من تدخّل العسكر في السياسة الذي ما من وسيلة لمنعه، كما يقال، إلا عبر إبقاء الجيش ضعيفاً.وإذا أرادت «الدولة» أن توحّد قوانين الأحوال الشخصية، يقال لها: «مش شغلتِك».وتطالَب برفع يدها عن كلّ ما يمسّ بما يسمّى حقوق الطوائف. فعلى جميع المواطنين أن يتزوّجوا، ويلدوا، ويطلّقوا، ويرثوا، وفقاً لما تمليه عليهم قوانين الطائفة.وإذا أرادت «الدولة» أن تشارك في الإعمار، يقال لها: «مش شغلتِك».فعلى الدولة أن يقتصر دورها على مصادرة الأملاك. وكلّ ما يلي ذلك هو من اختصاص شركة خاصة لا يُسمَح بفرض ضريبة عليها.وإذا أرادت «الدولة» أن توظّف مواطناً ليسيّر أمورها، يقال لها: «مش شغلتِك».فعليها أن تأخذ بعين الاعتبار رغبات البيك والزعيم والشيخ والأبونا والدول القريبة والبعيدة.كلّ ذلك ممتاز. ولا اعتراض عليه. لكن، ما دام الوضع كذلك، هل يمكن أن تكفّوا عن اجترار مقولة «بناء الدولة»؟

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الجمعة، 18 أغسطس 2006,11:52 م
بحثاً عن الشيعة
خالد صاغية - ساحة رأي
الأخبار عدد الجمعة ١٨ آب

توقّفت العمليات الحربية. انطلق النقاش السياسي، بعناوينه المعروفة سلفاً. الانقسام حادّ، وبإمكان كلّ طرف أن يحدس مسبقاً بما سيقوله الطرف الآخر. حتّى يبدو أحياناً أنّ لا حاجة لحضور المؤتمرات الصحفية ولا لمتابعة الخطابات. لكنّ المفاجآت، كالعادة، لا تلبث أن تظهر.بداية، لا بد من القول أنّ معظم الحجج السياسية المقدّمة من الطرفين تستند إلى حساسيّات مشروعة. وكان متوقّعاً أن يدفع خروج «حزب الله» «منتصراً» من معركته الأخيرة، قوى 14 آذار إلى شنّ حملة «استباقية». وذلك حتى لا يصار إلى استخدام «النصر» في تغيير التوازنات السياسية التي قامت في البلاد منذ الانتخابات النيابية الأخيرة.لكنّ قوى 14 آذار لا تكتفي بنقد موقف «حزب الله» السياسي، والسعي إلى تغييره. بل هي تذهب أبعد من ذلك. إنّها تريد تغيير الشيعة أنفسهم. فقراءات وليد جنبلاط المستفيضة من كتابات الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيّد محمد خاتمي لا تصبّ، في هذا الوقت بالذات، إلا في هذا الاتّجاه. فأن يختم مؤتمره الصحافي بهذه اللفتة الثقافية، ما هو إلا محاولة للإيحاء بأنّ مشكلات البلد المعقّدة كانت لتحلّ سريعاً، فقط لو أنّ الشيعة، الشيعة ككائنات وأفراد، كانوا مختلفين. فقط لو كانوا من أتباع «التقدّم» لا «التشيّع».هنا يكمن خطر كبير. فالتماهي لم يعد محصوراً بين خطاب قوى 14 آذار وبين خطاب الإدارة الأميركية السياسي. وربّما أمكن، بقليل من السخاء، تسويغ هذا التماهي بتلاقٍ آنيّ في المصالح بينها وبين الإدارة الأميركية. لكنّ قوى 14 آذار ذهبت خطوة أبعد. فعمدت أيضاً إلى استيراد الخطاب الاستشراقي في واحد من أكثر وجوهه ابتذالاً. فما يقوله وليد جنبلاط عن الشيعة، تقوله إدارات ومراكز أبحاث غربية (وعربية تابعة لها) عن الإسلام والمسلمين عامّة. إنّ جوهر هذا الموقف هو: ماذا لو كان المسلمون مختلفين عمّا هم الآن؟ المشكلة فيهم. في طريقة تفكيرهم. عليهم أن يصبحوا «مثلنا» حتى نتمكّن من التفاهم، وحتى يتمكّنوا من الحياة بسلام. إنّ العديد من التصريحات والكتابات الغربية لا تلبث، منذ أحداث الحادي عشر من أيلول، تكرّر اللازمة نفسها، بحثاً عمّا تسمّيه «المسلم المعتدل» في وجه «المسلم المتطرّف».استند جنبلاط في قراءاته إلى كتابات رجال دين شيعة، حتّى لا يثير نعرات طائفية، وحتّى يعطي الشيعة حجّة ليغيّروا أنفسهم استناداً إلى تقليد خاص بهم، وليس مستورداً. إلا أنّ ذلك لا يلغي جوهر الفكرة. وهو أنّ السياسة قد هُمِّشت تماماً. خرج الموضوع من سياقه السياسي والتاريخي. فلا مكان بعد لحجّة سياسية إذا ما كانت العلّة في الكائنات أنفسهم. ولا مكان لفهم وتحليل سياسي إذا ما كانت العلّة، في الأصل، ثقافية.لكنّ هذا الكلام، حين يصدر عن زعيم كوليد جنبلاط، يصبح مثيراً للسخرية فعلاً. فهل يعتقد «الإقطاعي المتنوّر» أنّه إذ يغيّر من تحالفاته السياسية، ويصبح قريباً من الموقف السياسي للدول الغربية الكبرى، يكون قد أدخل طائفته في عصر الحداثة؟

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الثلاثاء، 15 أغسطس 2006,11:51 م
حياة أقلّ
خالد صاغيّة
الأخبار عدد الثلاثاء ١٥ آب
انتهت الحرب. هكذا قالوا.وهذا يعني دماراً أقلّ، وموتاً أقلّ، وتهجيراً أقلّ، ووجع رأس أقلّ، وأقراصاً مُنوِّمة أقلّ، وبرامج سياسيّة أقلّ...انتهت الحرب. هكذا قالوا.وهذا يعني يوميات أقلّ سرعة، يوميات أقلّ غضباً، أقلّ حزناً، أقلّ إثارة، وأقلّ توتّراً...إنّه مجتمع القلّة، لا مجتمع الوفرة. فبعكس ما ادّعى كثيرون ممّن بكوا الموسم السياحي، فإنّ نهاية الحرب تكبح استهلاك أشياء كثيرة، أشياء لا تُعرَض في الأسواق دائماً. وأشياء لا تُعرَض في الأسواق أبداً.انتهت الحرب. هكذا قالوا.لندع القلّة جانباً. ما تطرحه نهاية الحرب فعلياً هو إمكان ابتكار آلية، أو ربّما مجرّد آلة، لإعادة «رَكلجة» الجهاز العصبي. لا بدّ من جهاز كهذا، جهاز ذي وظيفة مزدوجة. الوظيفة الأولى هي إعادة أحاسيسنا إلى مستواها السابق. فتعود حاسّة الذوق والسمع والنطق إلى ما كانت عليه في زمن ما قبل 12 تموز. أمّا الوظيفة الثانية فهي عدم التأقلم التام مع خروجنا إلى العالم مرّة أخرى. فنحن لا نعرف متى ستأتينا حرب تالية. وبالتالي، ليس محبّذاً أن نتعوّد تماماً على ما يعرف في سائر أصقاع الأرض بالحياة الطبيعية.انتهت الحرب. هكذا قالوا.غداً يعود من سمّيناهم بالنازحين إلى الأرض التي نزحوا منها. لن ينتظروا إذناً من أحد. ستعود لهم أسماؤهم، وتعود لنا حياتنا، لكنّ كلّ ما فيها أقلّ.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
,11:46 م
مفاجأة وفضيحة
خالد صاغية - ساحة رأي
الأخبار عدد الثلاثاء ١٥ آب

بإمكان أيّ نازح، وهو يعاني من حال البؤس التي يعيش، أن يفكّر بأنّ جهة تدعى «حزب الله» تدافع عن قريته، وعن أرضه، وعن كرامته أيضاً، إذا ما شاء ذلك. وبعد المفاجآت العسكرية التي حقّقها الحزب، بإمكان هذا النازح أن يعتبر أنّ المقاومة قد قامت بواجباتها تجاهه، خصوصاً أنّها وعدت بالمساهمة الجدية في إعادة إعمار ما تهدّم. لكنّ هذا النازح نفسه، للأسف، لن يمكنه الشعور بأنّ جهازاً يدعى «الدولة» قد قام بواجباته تجاهه، فأمّن له المأوى حين دُمّر منزله، والغذاء حين شعر أطفاله بالجوع، والدواء حين أصابه التعب. وعلى الرغم من ذلك، لا يكفّ بعض المسؤولين في الدولة عن دعوة هذا النازح نفسه إلى الانقلاب على حزب الله، والانخراط في ما يسمّونه «مشروع الالتفاف حول الدولة».فإذا كان «توقيت» عملية الخطف «خاطئاً»، وصمود المقاومة مفاجأة، فإنّ تصرّف «الدولة» تجاه النازحين ليس إلا فضيحة. ولم يعد خافياً أنّ المحاصصة السياسية حشرت أنفها في توزيع الإغاثات، والجزء اليسير الذي وصل إلى النازحين اقتُطعت منه السمسرات. كما تبيّن أنّ الهيئة العليا للإغاثة، المفترض أنها تعنى تعريفاً بأعمال إغاثة طارئة وغير متوقّعة، تبيّن أنّها ليست هيئة، ولا تستحق صفة الـ«عليا»، وأنّها عاجزة عن الإغاثة.لا تتوقّف الفضيحة هنا. فالوزراء الأكثر حماسة اليوم لما يسمّونه «مساءلة» حزب الله، هم ممّن لم يتحمّلوا مسؤوليّتهم إبّان العدوان، في جهاز الدولة التي ينشدون بناءها ليلاً ونهاراً. فمن مفاجآت الحرب، إلى جانب قصف حيفا والبارجة الإسرائيلية، هو أنّ المرء كان يحتاج فعلاً لسمّاعات مضخِّمة للصوت كي تصله همسة من وزارة الشؤون الاجتماعية مثلاً. لكن ما إن شارفت الحرب على نهايتها، حتّى أصبح صوت الوزارة يصدح داخل قاعات مجلس الوزراء وخارجها. يصدح لا لتأمين احتياجات مليون نازح، بل ليردّد ببغائياً ما سبق أن سمعه اللبنانيون على لسان الوزيرة الأميركية الحاكمة بأمرها.مرّة أخرى، لا تتوقّف الفضيحة هنا. فما إن بدأ الحديث عن وقف لإطلاق النار، حتّى اعتبر بعض السياسيين اللبنانيين أنّه قد حان وقت الحساب. لكن، ما إن صدر قرار مجلس الأمن، حتّى اعتبر هؤلاء السياسيون أنفسهم أنّ بإمكانهم حرق المراحل. اعتقدوا أنّه يمكنهم القفز فوق زمن الحساب، والانتقال فوراً إلى زمن العقاب. لن تكون محاسبة ولا محاكمة، بل عقاب فوري لا يقبل الانتظار. ذلك أنّ الدولة اللبنانية على مرمى حجر منّا، تمدّ يدها لتبسط سيادتها على كامل أراضيها. وما على السيّد حسن نصر الله، بعد أداء رجاله في الحرب الأخيرة، إلا أن يقدّم التحيّة ويسلّم قيادة قوّاته للدكتور أحمد فتفت.
خالد صاغيّة

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
الاثنين، 14 أغسطس 2006,11:42 م
فئران الإمبراطوريّة
خالد صاغية
الأخبار عدد الاثنين ١٤ آب
الإمبراطورية بحاجة إلى فئران. في بعض الأحيان، ترسلها إلى مختبر الديموقراطية والتحديث. وفي أحيان أخرى، تُجري عليها تجارب حربية. نحن، شعوب المستعمرات السابقة، لسنا سوى فئران. حين نهتف في الساحات، نهتف كالفئران. وحين نموت تحت الركام، نموت كالفئران.إلا أنّنا، نحن اللبنانيين، نوع مميّز من فئران المختبر. تكمن فرادتنا في اختيارنا لأداء دور الفأر مرّتين، في سنتين متتاليتين، وفي اتّجاهين معاكسين. في المرّة الأولى، كنّا الفأر الذي، في حال نجاح التجربة المخبرية، سيعمَّم نموذجه على بلدان الشرق الأوسط الكبير أو الجديد. كنّا الفأر الذي يُحوَّل بكبسة زرّ إلى أرنب سعيد يقود ثورة سعيدة بثوّار سعداء. وفي المرّة الثانية، كنّا الفأر الذي سيعمّم نموذجه على بلدان «محور الشرّ». كنّا الفأر الذي يُحوَّل بكبسة زرّ إلى غراب يبشّر بالرعب والخراب الآتيين من الجوّ، من طائرات لا ترى وجوه ضحاياها، وضحايا لا يرون وجوه القتلة.ليست المرّة الأولى التي تستخدم فيها الإمبراطورية شعوباً بأكملها كحقل تجارب، في السياسة كما في الاقتصاد. سبق للجنرال أوغستو بينوشيه أن دُعي إلى تقديم شعب التشيلي كفأر لاختبار وصفات اقتصادية جديدة، قبل أن يستخدمها رونالد ريغان ومارغريت تاتشر ويعمّماها على العالم. كانت تشيلي التي تطوّع بعض عسكريّيها لتنفيذ مخطّط «السي. آي. إيه» للانقلاب على حكم اشتراكي نموذجية لتجربة مرّة كهذه. واليوم، لم يقع الاختيار على لبنان إلا بعدما تطوّع كثيرون من أبنائه لتقديمه كفأر، لا كبلد.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments
السبت، 12 أغسطس 2006,11:37 م
عودة الشيخ سعد

خالد صاغية
الأخبار،عدد السبت ١٢ آب 2006
عاد الشيخ سعد إلى بيروت. الأمر يدعو إلى التصفيق الحارّ، وخصوصاً أنّ البلد لم يحترق كلياً بعد. تصفيق من النوع الذي يفوق ما استدعته دموع رئيس الحكومة. ينبغي الاعتراف بأنّ أسباب التصفيق لدموع السنيورة لا تزال غامضة. حين تكون البلاد في حال حرب، ويظهر رئيس الوزراء أمام شعبه باكياً، فإنّ التصفيق ليس في عداد البديهيّات. أمّا عودة الشيخ سعد فهي تستحق التصفيق حتماً.لا بدّ أنّ سكان بيروت يعرفون معنى أن تبدأ إسرائيل بقصف الضاحية عند الفجر، تلك الساعة التي يحلو فيها النوم. وإذا كانوا هم، كمواطنين، لا حول لهم ولا قوّة، فهل يعقل أن يقبلوا بتعريض الشيخ سعد لهذا النوع من الإزعاج؟ والنازحون من بيوتهم الذين شارف عددهم على المليون، أي مليون فرد حامل للجنسيّة اللبنانية، لمَ يريدون هم أيضاً تعكير مزاج الشيخ؟ هل هذا هو وقت الاطّلاع على تشرّدهم، وسوء تغذيتهم، ونقص أدويتهم، وبكاء أطفالهم؟أمّا الجسور والطرقات والمباني المهدّمة، وكلّ ما يسمّى بالبنية التحتية، فما زال وقت إعماره مبكّراً. لا تلزيمات الآن. ولا صفقات، ولا من يحزنون.كان يمكن للعودة أن تنتظر حتّى وقف النار، أو ربّما حتّى 14 شباط المقبل، فيلقي الشيخ خطاباً يعد فيه الشعب اللبناني بضرورة نبذ اليأس، لأنّ جلاء «الحقيقة» أصبح قريباً.وحدهم الإسرائيليون حوّلوا دموع السنيورة إلى مزحة. فاتّصلوا بمكتبه، وهزئوا منه. أمّا عودة الحريري، فهي مزحة حقيقية.

التسميات:

 
posted by Thinking | Permalink | 0 comments